تصور مقترح لتطوير إدارة التعليم العام المصري في ضوء بعض متطلبات الاستدامة التنظيمية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

کلية

المستخلص

مقدمة:
يعد عصر العولمة بما يتسم به من انفجار معرفي وتکنولوجي ومحاولة الإنسان الاستفادة من هذا التطور في رفع مستوى رفاهية الحياة والاستجابة لاحتياجات المجتمعات المتزايدة مصدر تهديد لاستنزاف الموارد المختلفة من خلال خطط التنمية التقليدية التي قد تستجيب لاحتياجات المجتمعات الحالية دون المستقبيلة، مما يؤدي إلى ظهور خلل تنموي.
هذا الخلل التنموي أدى إلى ظهور مداخل تنموية جديدة من شأنها إعادة الاعتبار للجوانب البيئية والاجتماعية مع مراعاة تحقيق الأهداف الاقتصادية بقدر رشيد متوازن، وقد أدت الجهود الإصلاحية إلى ظهور مدخل الاستدامة لإحداث توازن في جميع الجوانب الاجتماعية والبيئية والاقتصادية، وعدم الاقتصار على الجانب الاقتصادي فقط.
وعرفت الاستدامة لأول مرة عام 1987 في تقرير اللجنة العالمية للبيئة والتنمية بعنوان "مستقبلنا المشترک" بأنها التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتهم الخاصة، ويعرفها المجلس الألماني للتنمية المستدامة بأنها الإدارة المتمرکزة حول المستقبل (المنير، 2014، ص15، 16)، فهو يعتبر الاستدامة مدخل إداري في حد ذاته.
وتحقيق الاستدامة يضمن نوعية حياة أفضل عن طريق الترکيز على الجوانب النوعية للتنمية وليس الکمية منها بشکل عادل وملائم بين الأجيال الحالية، وتحقيق استثمار أمثل للموارد والتعامل معها على إنها محدودة، وإحداث تغيير مستمر في تلبية احتياجات المجتمع بطريقة تحقق التوازن بين التنمية الاقتصادية والسيطرة على مشکلات البيئة.
وتحظى التنمية المستدامة باهتمام متزايد في النظرية والممارسة الخاصة بالإدارة؛ فهى تعزز قيم العدالة الاجتماعية والمساواة ومشارکة الأفراد في صناعة واتخاذ القرار الإداري، ويساعد الاهتمام بالتنمية المستدامة على إدارة المخاطر (Wakin, 2007,p400).
 کذلک لا يمکن تحقيق التنمية المستدامة من خلال الحلول التکنولوجية أو الأنظمة السياسية أو الصکوک المالية وحدها، فلابد من تغيير طريقة تفکير وعمل الأفراد في القطاعات المختلفة، الأمر الذي يفرض توفير نوعية تعليم وتعلّم من أجل التنمية المستدامة على جميع المستويات وفي جميع البيئات الاجتماعية (اليونسکو، 2019).
 کذلک يمر مجال الإدارة عموماً والإدارة التعليمية على وجه الخصوص بممارسة إعادة التفکير وإعادة التجديد المستمر، فقد أدت العولمة بأبعادها المختلفة من انفجار معرفي وتکنولوجي، وانفتاح ثقافي واقتصادي إلى ضرورة الاستدامة في تطوير الممارسات الإدارية بما يحقق الاحتياجات الحالية والمستقبلية للمؤسسات وخاصة التعليمية منها، وهو مايطلق عليه الاستدامة التنظيمية. وتعد الاستدامة هي الاتجاه الإداري الذي يلعب دوراً مهما في الاستراتيجية التنظيمية المعاصرة.