أنموذج مقترح لإعادة هندسة العمليات الإدارية (الهندرة) بالمدارس الثانوية بمصر في ضوء تحديات العصر الرقمي

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

کلية

المستخلص

مقدمة:
يشهد العالم تغيرات سريعة ومتلاحقة في کافة المجالات سياسية، اقتصادية، علمية، لذا تجد الإدارة نفسها من وقت لآخر أمام تحديات تفرض عليها الاستغناء عن النظم والمبادئ والأساليب التقليدية وتبني أساليب وطرق مبتکرة لمواکبة العصر.
لقد أحدثت التغيرات التي أفرزها العصر الرقمي تغييراً في المفاهيم الإدارية التقليدية، ووضعت إعادة هندسة العمليات الإدارية (الهندرة) في بؤرة اهتمام الخبراء والباحثين في مجال الإدارة، حيث يمثل الإفراز الإداري لعصر المعرفة والمعلومات، وأحد النواتج الإدارية للعصر الرقمي، باعتباره من مداخل التطوير التي ترکز على التغيير الجذري للعمليات الإدارية الإستراتيجية، وکذلک للنظم والسياسات والهياکل التنظيمية؛ بهدف تحسين الأداء وزيادة الإنتاجية في کمها وکيفها بالمؤسسة، بأقل کلفة ووقت وجهد (أزهار خضر داود داغر، محمد أمين حامد، 2017، 781)، (ياسر عبد الوهاب، 2018، 205).
وتقوم منهجية إعادة هندسة العمليات الإدارية على تحليل وإعادة بناء العمليات الإدارية وليس على الهياکل التنظيمية ومهام الإدارات أو المسؤوليات والوظيفية، حيث تعد العمليات الإدارية محور الاهتمام والبحث والترکيز وليس الأشخاص والإدارات (محمد السيد البدوي الدسوقي طلحة،2017 ، 51).
ولما کان ما ينتظره المجتمع من نظام التعليم يتحدد في ضوء عاملين أساسيين، أولهما: الواقع المجتمعي خاصة الواقع التعليمي وما يموج به من مشکلات تتطلب المواجهة والحل، وثانيهما: مجموعة التحديات الواقعة والمحتملة، وما يترتب عليها من تداعيات تؤثر بشکل مباشر وغير مباشر على التعليم، لذا فإن السياسة التعليمية تتطلب باستمرار مواجهة تلک التحديات على الصعيدين الداخلي والخارجي وما تفرزه من تأثيرات، وإلا تحولت تلک التأثيرات لضغوط ومن ثم فقد التعليم قدرته على العمل في الفضاء المتواجد به (سعاد محمد عيد،2013،21).
لذا فإن نجاح واستمرارية أي مؤسسة يتوقف على مدى قدرتها على مواکبة هذه التطورات والتغيرات أي الملائمة بينها وبين المتغيرات البيئية المؤثرة فيها بشکل مستمر، لذا تبذل الدولة جهودا کبيرة لتحسين التعليم في کافة المراحل التعليمية، وفي التعليم الثانوي العام بصفة خاصة، فقد تغير نظام الثانوية العامة عدة مرات خلال العقود الثلاثة الماضية، وقد شمل التغيير بعض الجوانب کالتشعيب، وسنوات التشعيب إلا أن وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني بدأت من العام الدراسي 2018/2019م تنفيذ نظام جديد للثانوية العامة يرتکز على التحول محو التعليم الالکتروني، واستخدام بنک المعرفة المصري، والاعتماد على نظام التقييم التراکمي GPA، وتحول المعلم من الملقن لطلابه إلى الموجه والمرشد لهم للبحث عن المعلومة الصحيحة، وذلک بهدف إعداد الطالب المبدع القادر على المنافسة العالمية (سلوى حلمي على يوسف، 2019، 5-6). 
باستقراء ما سبق يفرض العصر الرقمي وما صاحبه من تحديات على المدارس الثانوية بمصر ضرورة التحول من موقع رد الفعل والاستجابة البطيئة للتجديد إلى التغيير والبحث المستمر عن الأسباب الکامنة وراء تلک التحديات التي تواجه المدارس الثانوية لتکون قادرة على التعامل مع متغيرات وتحديات هذا العصر للوصول إلى أداء متميز. لذا بات على المعنيين بالإدارة التربوية اللحاق برکب التقدم العلمي والتقني، وتبني مدخل إعادة هندسة العمليات الإدارية " الهندرة" باعتباره أحد المداخل المعاصرة في الفکر الإداري التي من شانها أن تسهم في تطوير المدارس الثانوية وتجويدها وتطوير أدائها، وهياکلها الإدارية التنظيمية، لتطور مهامها ووظائفها، وتجوّد خدماتها ومنتجاتها للوصول لمستوى عال من الجودة ومواکبة تحديات العصر الرقمي. ولقد أجريت العديد من الدراسات العربية والأجنبية عن إعادة هندسة العمليات الإدارية (الهندرة) والتعليم قبل الجامعي، والتعليم قبل الجامعي وتحديات العصر الرقمي وتعرض الدراسة الحالية لهذه الدراسات لاستکمال الجهود العلمية التي تمت بحيث يتحقق التکامل بين وحدات الدراسات العلمية في مجال معين.