واقع ممارسة معلمي الرياضيات بالمرحلة المتوسطة لاستراتيجيات تدريس مهارات التفکير العليا

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

جامعة

المستخلص

مقدمة:
إنَّ تحقيق آمال وتطلعات الأمة التي تجسدها الآمال الطموحة، والتي تعبر عنها رؤية المملکة العربية السعودية (2030)، تتطلب جيلًا صاعدًا واعدًا من الطلاب، مزودين بکافة المهارات التي تمکنهم من خوض غمار متطلبات القرن الحادي والعشرين؛ ولهذا فقد شهدت الآونة الأخيرة تزايدًا من اهتمام المسئولين بتنمية مهارات المستقبل، أو المهارات التي يحتاجها الطلاب في العصر الحديث، ومن بين أبرز تلک المهارات: مهارات التفکير.
کما أنَّ تعليم التفکير يزود الفرد بالأدوات التي يحتاجها؛ حتى يتمکن من التعامل بفعالية مع العديد من المعلومات، أو المتغيرات التي يأت بها المستقبل. ولقد أصبحت مهارات التفکير تحتل مکانةً بارزةً من تفکير التربويين والخبراء، وواضعي المناهج؛ لقناعتهم بأهميتها، وخاصةً أن الطلاب بحاجةٍ إلى مواجهة مشکلات المستقبل من خلال تزويدهم بمهارات التفکير؛ حتى يستطيعوا النجاح، والتنافس، والتفوق (يوسف، 2015: 4).
وتُعد مهارات التفکير العليا بمثابة مظلة ينطوي تحت لوائها أنواعٌ عديدة من عمليات التفکير، بما في ذلک: التفکير الناقد، والتفکير الإبداعي، وحل المشکلات، واتخاذ القرار (عبد القادر، 36:2014).
وتتضمن مهارات التفکير العليا: المستويات الأعلى من تصنيف بلوم، کالتطبيق، والتحليل، والترکيب، والتقويم، والتطبيق يتم خلاله نقل ما تعلمه الطالب إلى مواقف أخرى. والتحليل هو: القدرة على تحليل المادة إلى عناصرها وأجزائها، ومکوناتها الأساسية، واکتشاف العلاقات بين تلک المکونات، والطريقة التي نُظمت بها. والترکيب يعني: جميع العناصر المتطرفة، وربطها؛ کي تکون نموذجًا متماسکًا ومتکاملًا. أما التقويم فهو: القدرة على الحکم على القيمة المادية لأداء أعمال وأقوال، وحلول وطرق لغرض معين، مثل: التحقق من صحة مسألةٍ معينة، أو اکتشاف التناقض (الزعبي، 262:2007).
ونظرًا لأهمية هذه المهارات في تعليم الرياضيات؛ فقد اهتم المجلس الوطني الأمريکي لمعلمي الرياضيات (National Council ofTeachers of Mathematics) (NCTM)، باعتباره أحد المؤسسات الرائدة في مجال تعليم الرياضيات على المستوى العالمي بمهارات التفکير العليا في الرياضيات. فعلى سبيل المثال: في وثيقته الشهيرة المعنونة بـ: "مبادئ ومعايير الرياضيات المدرسية"، أکد المجلس (NCTM, 2000) على أهمية اتباع المعلمين لممارسات فعالة لتنمية مهارات التفکير العليا لدى الطلاب. وفي وثيقةٍ محورية أخرى، حملت عنوان: "تحقيق الترکيز في رياضيات المدرسة العليا: الاستدلال والفهم"، أکد المجلس (NCTM, 2009: 2) على الحاجة إلى مناهج رياضيات تساعد الطلاب على تنمية "القدرة على الصياغة، وتمثيل، وحل المشکلات الرياضية، والقدرة على التفکير المنطقي والتفسير".
ومؤخرًا تم تبني وموائمة سلسلة مناهج، وکتب الرياضيات المطورة لتعليم الرياضيات في المملکة العربية السعودية، وهي سلسلة مناهج ماجروهل (McGraw-Hill)، منمنطلق أن تحدث نقلة نوعية في تعليم الرياضيات بالمملکة؛ من خلال ما تقدمه هذه الکتب من محتوى تعليمي، ومن مسائل ترکز على هذه المهارات. (مرکز التميز البحثي في تطوير تعليم العلوم والرياضيات، 2013).
وبالرغم من أن کتب ومناهج الرياضيات المطورة، ممثلةً في سلسلة ماجروهل التي تم موائمتها، وتطبيقها في البيئة السعودية، قد شجعت على تنمية مهارات التفکير العليا بشکلٍ صريحٍ؛ من خلال تضمين العديد من أنواع مسائلها في الکتاب، بما يفترض به أن يشجع الطلاب على ممارسة هذه المهارات، إلا أن الاستفادة من هذه المسائل تتطلب ممارساتٍ يجب أن يقوم بها المعلمون. وقد أظهرت الأدبيات أنَّ هناک العديد من الممارسات المستندة إلى أسسٍ علمية لتدريس مهارات التفکير العليا في الرياضيات، من بينها: استراتيجيات التساؤل، وتشجيع التعلم المستند إلى المشکلات، وتصويب الأخطاء الشائعة لدى الطلاب. ونظرًا لأهمية دور المعلمين؛ فإنه من الضروري التأکد من ممارسات المعلمين المتبعة لتدريس مهارات التفکير العليا، وعليه تأتي هذه الدراسة؛ لتقييم واقع ممارسة معلمي الرياضيات بالمرحلة المتوسطة لاستراتيجيات تدريس مهارات التفکير العليا.