واقع تطبيق ممارسات القيادة التنموية في بعض المؤسسات الرياضية بدولة الکويت من وجهة نظر العاملين بها

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

جامعة

المستخلص

مقدمة:
تلعب المؤسسات الرياضية في العالم المعاصر أدواراً مهمة سواءً في الجانب الترويحي والترفيهي أو في مساعدة الشباب والأطفال والکبار على عيش نمط حياة صحي قائم على ممارسة الأنشطة الرياضية، أو من خلال التجهيز والإعداد الاحترافي للاعبين في الدولة وتأهيلهم للمشارکة في المنافسات الإقليمية والعالمية وتحقيق إنجازات ومستويات رياضية متميزة.
ونظراً لأهمية الرياضية في المجتمع وإدراکاً من دولة الکويت لأهمية الرياضة وما تضطلع به من أدوار حيوية فقد أکدت رؤية کويت جديدة لعام 2035 في محور رأس المال البشري الإبداعي على عدة مشروعات أساسية ترتبط بالرياضية من بينها استکمال بناء الأندية الرياضية واستکمال الأندية المتخصصة کالأندية البحرية وأندية الرماية والصيد والفروسية والسيارات والسباقات المختلفة کذلک استکمال أندية الفتيات ومراکز الشباب وتنفيذ السياسة الوطنية للشباب وتصميم النادي الکويتي الرياضي للمعاقين وغيرها من المشروعات التي تشير بجلاء إلى إدراک الدولة للرياضة ودورها في المجتمع.
والمجال الرياضي يتميز بتنوع الاختصاصات التي تحتاج إلى العنصر البشري خاصة في الجانب الإداري الذي تتنوع مستوياته تبعاً لنوع المؤسسة الرياضية وطبيعتها فنجد الأندية الرياضية والمنشآت الرياضية ومديريات الشباب والرياضة التي تضم في صفوفها عدد کبير من الموظفين الذين يشغلون مناصب مختلفة ويسعون إلى القيام بمهامهم الإدارية بدرجة عالية من الکفاءة وهذا يرتبط بدرجة ولائهم لوظائفهم ورغبتهم في الاستمرار في العمل بها من عدمها وهذا من خلال ما يملکونه من ولاء لهذه المؤسسة ولأهدافها ومسئوليها وکونها مؤسسة خدمية فهي بحاجة ماسة إلى تقديم خدمات ذات جودة عالية في سبيل ترقية الممارسة الرياضية والاهتمام بفئة الشباب من جهة وترقية الممارسة الرياضية من جهة أخرى) صواش، 2019، ص476).
والإدارة الرياضية بشکل عام تحتاج إلى إعادة صياغة الفکر الإداري في المجال الرياضي وتحويله من فکر تقليدي إلى فکر إداري حديث يتماشى مع متطلبات المنتج الرياضي من خلال تبني إدارة الجودة وکافة المداخل الإدارية الحديثة (زحاف وقوربي، 2015، ص)102.
وتتنوع المداخل الإدارية الحديثة التي يتم تطبيقها للانتقال من مفهوم الإدارة بصورتها التقليدية البيروقراطية الهرمية إلى المداخل القيادية الحديثة التي ترکز على مفاهيم أکثر تشارکية وديمقراطية کالقيادة التحويلية والقيادة الموقفية وغيرها.ولما کانت المؤسسات الرياضية معنية بالأساس بالنمو لکافة القدرات البدنية والرياضية والأخلاقية أيضاً فإن مداخل القيادة التي ترکز على النمو لدى کافة العاملين في المؤسسات الرياضية يمکن أن تکون لها أهمية کبيرة وفي هذا الصدد تبرز الأهمية الواضحة لمدخل القيادة التنموية  Developmental leadership التي قدمها الباحث السويدي لارسون Larsson .
ويمکن النظر إلى القيادة التنموية على أنها تلک العملية التي من خلالها يمکن للقادة العمل على دعم وتشجيع الموظفين والمرؤوسين خلال أدائهم لأعمالهم من خلال تنمية معارفهم ومهاراتهم استناداً إلى أهداف محددة  ترتبط بأهداف المؤسسة Gilley, Shelton & Gilley, 2011)).  وتنظر القيادة التنموية إلى نمو الموظفين على أنه هدف حيوي؛ ومن خلال نمو کل من الموظفين والقادة تنمو المنظمة بالتبعية (McAlearney, 2008).
    وللقيادة التنموية العديد من الخصائص التي تميزها عن غيرها من النماذج الأخرى التي تذخر بها الأدبيات للقيادة، ومن أبرزها على الإطلاق الاهتمام بالطابع "النمائي" Developmental لعمليات القيادة (Larsson, 2006). وإنطلاقا من ذلک، تتسم القيادة التنموية  بالاهتمام بالاحتياجات التنموية لجميع الأفراد العاملين في المؤسسة (Davies, Davies 2011),  وتقدير واحترام إمکانيات وقدرات وجدارات کافة العاملين (Fink, 2005),  فضلاً عن إبراز الخاصية التفاعلية الحاسمة للقيادة التنموية والتي تستند بالأساس لفرضية ضرورة توافر مهارات الاتصال الفعال لدى القائد والتي تمکنه من التفاعل بشکل بناء مع المرؤوسين، فضلا عن ضرورة تهيئة الظروف المواتية للتعلم – کآلية أساسية للنمو – سواء على المستوى الفردي أو الجماعي (Larsson, 2006).
ومن بين أبرز ممارسات القيادة التنموية کما قدمها لارسن ما يلي: التمتع باتجاهات أخلاقية، ومهنية في العمل، التعبير عن القيم التي تتمتع بصبغة إنسانية في بيئة العمل، الاتساق ما بين الآراء التي يتم التعبير عنها، وبين الأفعال والسلوکيات المتبعة على أرض الواقع، الاعتراف بارتکاب الأخطاء دون محاولة إيجاد الأعذار والمبررات، تحمل المسئوليات الإدارية بشکل ناجح وبناء، إظهار الفهم والرؤية الدقيقة لاحتياجات العاملين، حمل المسئولية عن أنشطة ومهام العمل- حتى في أصعب الظروف والمواقف (غانم،  2016).
إن سلوکيات وممارسات القيادة التنموية من قبيل التوجيه والإشراف والمتابعة والإرشاد وتقديم التغذية الراجعة عن الأداء وتوفير الفرص التنموية قد تساعد الموظفين في المؤسسات على الأداء بشکل أکثر فاعلية في بيئة العمل (Delle  & Searle, 2020). کما تعد القيادة  التنموية جزءاً لا يتجزأ من استراتيجية المؤسسة التي يجب أن تستهدف تحقيق التميز والمنافسة على کافة المستويات ذلک أن التميز- في الأساس- يرتبط ارتباطاً مباشراً بتطلعات القادة وفکرهم وتوجهاتهم الاستراتيجية في إطار من التنمية والتطوير المستمرين (عثمان،2019، ص (29.
ولقد أجريت العديد من الدراسات السابقة التي رکزت على القيادة التنموية في مؤسسات عديدة. فقد هدفت دراسة "ويلي وسيرلي" (Delle & Searle, 2020) للتحقق من العلاقة بين کل من القيادة التنموية، والتفاؤل  الوظيفي (career optimism)، والقدرة على التکيف الوظيفي (career adaptability)، مع البحث في الدور الوسيط المحتمل للتفاؤل المهني. وقد تم جمع البيانات من عينة من العاملين الملتحقين برنامج ماجستير مهني في القيادة ومقررات أخرى في إدارة الأعمال بإحدى الجامعات الغانية. وأشارت النتائج إلى أن القيادة التنموية والتفاؤل المهني يرتبطان ارتباطًا إيجابيًا بالقدرة على التکيف المهني.کما أظهرت النتائج أن القيادة المهنية ترتبط ارتباطًا إيجابيًا بالقدرة على التکيف المهني بالنسبة للموظفين دوي المستويات المنخفضة من التفاؤل, لکنها لا ترتبط به بالنسبة للموظفين ذوي المستويات المرتفعة من التفاؤل.ومن شأن هذه النتائج أن تشير إلى أنه على الرغم من فائدة القيادة التنموية والتفاؤل المهني للقدرة على التکيف المهني، فإن أهمية القيادة التنموية تزداد بشکل خاص بالنسبة للموظفين الأقل تفاؤلًا.
وهدفت دراسة "ريو وشيم" (Ryu & Shim, 2020) للتحقق من العلاقة بين القيادة التنموية وانخراط المرؤوسين في العمل انطلاقًا من فرضية أن القيادة التنموية من شأنها أن تعزز مهارات المرؤوسين ذات الصلة بالعمل وتنمي معارفهم المهنية والوظيفية.وقد اعتمدت الدارسة على المنهج الوصفي المسحي, وتم جمع البيانات من خلال البيانات الجاهزة لمسح "آراء الموظفين الفيدراليين" للأعوام 2012، 2013،  2014 الذي أجاب عنه 176228  موظف في کوريا الجنوبية.وتألفت عينة الدارسة من نسبة %1  من هؤلاء المستجيبين تم اختيارهم عشوائيًا وبلغ عددهم  11754 موظف. وقد أشارت النتائج إلى أن کلًا من القيادة التنموية والنمو المتصور في المهارات يرتبطان ارتباطًا إيجابيًا ويؤثران تأثيرًا دال إحصائيًا على انخراط الموظفين الحکوميين في عملهم.اتضح کذلک أن التحسن المتصور في المهارات کان له أثر وسيط على العلاقة بين القيادة التنموية، والانخراط في العمل.
وفي دراسة أخرى لعثمان (2019) بعنوان: "القيادة التنموية لدى رؤساء الأقسام الأکاديمية: دراسة حالة بجامعة الفيوم" تمثل الهدف منها في الوقوف على واقع القيادة التنموية لدى رؤساء الأقسام الأکاديمية من وجهة نظر أعضاء هيئة التدريس بکليات جامعة الفيوم بجمهورية مصر العربية بالاستعانة بالمنهج الوصفي المسحي بالاستبانة من خلال بناء أداة الدراسة المتمثلة في الاستبانة والتي تضمنت أربعة محاور هي) أسلوب الإدارة، الإجراءات الإدارية، الفعالية الإدارية، طبيعة الاتصال (بالتطبيق على (96) من المدرسين والأساتذة والأساتذة المساعدين. وکشفت نتائج الدراسة عن توافر بعض ممارسات القيادة التنموية بجامعة الفيوم من وجهة نظر أعضاء هيئة التدريس بجامعة الفيوم وجاءت مرتبة تنازلياً حسب تحققها کما يلي :(الإجراءات الإدارية، الفعالية الإدارية، أسلوب الإدارة، طبيعة الاتصال) وکذلک وجود فروق ذات دلالة إحصائية وفقاً لمتغير الأقسام العلمية لصالح قسم الألبان.
  کما سعت دراسة  "يازدانباناه وزملاءه" Yazdanpanah, & Marefat   (Farahmand, 2019)  للتحقق من العلاقة بين کل من الذکاء السياسي والذکاء اللفظي وبين أسلوب القيادة التنموية لدى المديرين والموظفين بوزارة الشباب والرياضة الإيرانية.وقد اعتمدت الدراسة على منهجية وصفية ارتباطية، وتمثل مجتمع الدراسة في جميع الموظفين والمديرين بوزارة الشباب والرياضة (700 شخص)، ومن بينهم جرى اختيار 260 مشارک؛ 60  مدير و 200موظف اختيارًا عشوائيًا ليمثلوا عينة البحث.وقد تم جمع البيانات من خلال استبيان الذکاء اللفظي الذي أعده کولب سنة 2005، ومقياس الذکاء السياسي الذي أعده کولب سنة 2010، ومقياس باس لأسلوب القيادة التحويلية الموضوع سنة 1985.وقد أظهرت النتائج أن کلًا من الذکاء اللفظي والذکاء السياسي يمثلان مؤشرات جيدة على أسلوب القيادة التنموية.وقد أوصت الدراسة في ضوء النتائج التي انتهت إليها بالحاجة لتقديم طرق وأساليب من شأنها تعزيز الذکاء السياسي واللفظي للمديرين والموظفين، وتدشين قنوات اتصال موثوقة وفعالة بين المديرين والمرؤوسين من أجل تحسين أسلوب القيادة التنموية.
وسعت دراسة "لي، وهان" (Lee, & Han, 2019) لتحليل العلاقة بين کل من القيادة التنموية، وفعالية الموظفين (وتحديدًا أبعاد الرضا الوظيفي، والحاجة للإنجاز، وجودة العلاقة مع زملاء العمل)، وإنتاج المعرفة على المستوى الفردي لدى الموظفين في کوريا الجنوبية. وقد اعتمدت الدراسة على النمذجة بالمعادلة البنائية لاختبار هذه العلاقة.وأشارت نتائج التحليل إلى أنه برغم وجود ارتباط بين القيادة التنموية وإنتاج المعرفة على المستوى الفردي، فإن مستوى إنتاج المعرفة کان مرتفعًا عندما کانت فعالية الموظفين تضطلع بدور وسيط بين هذين المتغيرين. کما أظهرت النتائج أن ثمة حاجة للمنظمة أن تراعي الجوانب الدافعية، والعلائقية، واتجاهات الموظفين، وأن تعمل على توفير التدريب على القيادة التنموية للمديرين في المستويات المتوسطة من أجل تحسين إنتاج المعرفة على مستوى فرادى الموظفين.
أما دراسة الصالحي (2018) فقد حملت عنوان: "القيادة التنموية لدى قائدي المدارس الثانوية في المملکة العربية السعودية وعلاقتها بثقافة الحوار لدى المعلمين" وسعت هذه الدراسة إلى إلقاء الضوء على مدى تحقق القيادة التنموية وأبعادها لدى قائدي المدارس الثانوية بالمملکة العربية السعودية بالاستعانة بالمنهج الوصفي المسحي والمنهج الوصفي الارتباطي من خلال تطبيق الاستبانة والتي اشتملت في الجزء الخاص بالقيادة التنموية على خمس أبعاد هي) القيم، السمات الشخصية لقائد المدرسة، الاهتمام بالمعلمين، التحفيز الملهم، المشارکة والاستثارة الفکرية (على عينة عنقودية من (874) معلم من خمس مناطق بالمملکة هي )الرياض والقصيم، حائل وعرعر، جيزان، الدمام، جدة( وتوصلت نتائج الدراسة إلى توافر درجة "متوسطة" من القيادة التنموية لدى قائدي المدارس الثانوية من وجهة نظر المعلمين وجاء بعد قيم القائد في المرتبة الأولى من حيث التحقق وفي المرتبة الأخيرة بعد التحفيز الملهم في المرتبة الأخيرة، بالإضافة إلى وجود علاقة ارتباطية ذات دلالة إحصائية موجبة بين درجة قيادة الممارسة التنموية وأبعادها لدى قائدي المدارس الثانوية وبين ثقافة الحوار لدى المعلمين.
وسعت دراسة "شيويزفورث، ودافيز، وسيماکو، وفالينتي" (Schweisfurth, Davies, Symaco, & Valiente, 2018)  للکشف عن تأثير خبرات التعليم العالي على دعم نشوء وتطور القيادة التنموية وتکوين شبکات بين قادة الحرکات السياسية والاجتماعية في الفلبين.وقد اعتمدت الدراسة على المنهج النوعي، وجرى جمع البيانات من خلال مقابلات شخصية شبه مقننة مع عينة مؤلفة من 53 قائد من قادة الحرکات السياسية والاجتماعية في الفلبين في حقبة ما بعد التحول الديمقراطي بعد مارکوس. وقد أشارت نتائج الدراسة إلى أهمية الأشکال المختلفة لرأس المال في الانخراط والعمل في ظل نظام طبقي قائم على الديمقراطية الأوليغارشية. أظهرت النتائج کذلک أن الخبرات المترتبة على الالتحاق بالتعليم العالي کانت مهمة لتنمية وتطوير القادة، وإن لم يکن هذا التطور دائمًا بشکل يمکن التنبؤ به.حيث اتضح أن عضوية الأحزاب السياسية في الفلبين وما يترتب عليها من صعود للقيادات السياسية والاجتماعية ترتبط عادة بالأسر وليس بالتعليم (على غرار البيوت السياسية في لبنان)، ومع هذا، کان للتعليم- وخاصة التعليم العالي- دورًا مهمًا في مسار هؤلاء القادة.