تصور مقترح لدور المدخل المنظومي في التنمية المهنية لمعلم التعليم الثانوي في المملكة العربية السعودية (دراسة تحليلية).

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

جامعة

المستخلص

المقدمة:
من سمات العصر الحالى أن المعرفة ازدادت زيادة هائلة شملت أوجههًا شتى، وتعاقبت معطيات جديدة على مسرح الحياة، فى أمس الحاجة إلى خبرات جديدة وفكر جديد ومهارات جديدة للتعامل معها بنجاح، وقد ألقت هذه التحولات بظلالها على بنية النظام التربوى، ومن ثم فنحن فى حاجة إلى تربية غير تقليدية كالتى عهدناه، وعليه فإن إعداد الإنسان القادر على التصدى لكل هذه التحولات والتغيرات يتطلب إعادة النظر فى النظم التعليمية مفهوماً ومحتوى وأسلوباً، وذلك على أسس جديدة قائمة على إستراتيجيات علمية تستوعب الإمكانات المادية والبشرية المتاحة.
وإذا نظرنا إلى المعلم نجد أنه يمثل عاملا مهما فى العملية التعليمية، والشخص القادر على ترجمة الدراسات التربوية إلى استجابات تشبع حاجات المتعلمين، حيث تعهد الأمة إليه شرف تنمية شخصية أبنائها، تنمية كاملة متزنة، بما يتناسب مع إمكانياتهم بشكل يعين كل متعلم على تحقيق أقصى إفادة ممكنة من إمكاناته الذاتية، ويمكن كل فرد من أداء دوره كاملاً فى بناء مجتمعه.
ونظرا لبلوغ المعلم هذه الأهمية فى العملية التربوية، فمن الضرورى أن ينال من العناية القدر الذى يتناسب مع الدور الخطير الذى يقوم به فى إعداد النشء وتكوينه. ويمثل المعلم الكفء دون شك ذخيرة قومية كبرى، ذلك أن تكوين جيل بأكمله يعتمد إلى حد كبير على ما يتصف به المعلم من سمات تعاونه على أداء هذه المهنة.
وقد اهتمت المجتمعات وإن تباينت فى إطار فلسفتها وأبعادها المختلفة سواءً الاجتماعية أو الاقتصادية وغيرها، اهتماماً شديداً بإعداد وتنمية المعلم، وفى الحدود التى تجعلهم قادرين على ممارسة مسؤولياتهم لتشكيل المواطن الصالح للمجتمع. ولا شك أن هذه التنمية لم تصل بعد للمستوى المطلوب لمناسبة الأوضاع المتغيرة، ومثل هذه الأوضاع المتغيرة والمتسارعة تطرح آثارها وتداعياتها على مختلف جوانب الحياة التى نعيشها.
ويرى الكثير من المتخصصين والباحثين فى التربية، أن البلدان التى وصلت إلى مراحل متقدمة ومتطورة فى كل مجالات الحياة لم تحقق ما حققته إلا باهتمامها بالعملية التعليمية المتمثلة فى إعداد المعلمين إعداداً متقناً فى مجالات التخصص الأكاديمى ومجال الإعداد المهنى التربوى والثقافى. ومن هذه البلدان المملكة العربية السعودية والتي وصلت إلى مراحل متقدمة في مختلف المجالات ومنها المجال التعليمي.  
وتركز معظم أنظمة التعليم المتقدمة النظر فى إعداد المعلم، وتوضيح أدواره والمهام المهنية التى تجعله يخرج من الأدوار التقليدية إلى أدوار أخرى أكثر إبداعاً فى تدريسه, وتشير النظريات التربوية إلى أن هناك أهمية كبيرة لإعداد المعلم ليتمكن من التعرف على طرآئق وأساليب تكسبه مهارات ومعارف مختلفة مستخدمة فى ذلك المداخل والاتجاهات الحديثة. لاسيما في ظل الظروف والمتغيرات والمؤثرات المجتمعية المتعددة سواءً كانت صحية أو طبيعية أو غيرها، والتي تتطلب المعلم المتمكن والمقتدر على مواجهتها بكفاءة عالية.
من هنا فإن المدخل المنظومى يعد من المداخل الحديثة التى يحاول الباحثون والمتخصصون فى التربية استخدامها من أجل فهم الظواهر التربوية بأبعادها المتعددة المتداخلة، ويعتمد المدخل المنظومى على ما يسمى بمفهوم النظام، ومن خلاله يمكن اكتساب المعارف بطريقة منظمة من مفاهيم وحقائق بينها علاقات متشابكة متداخلة متناغمة، لذا يتوجه المتخصصون والباحثون فى التربية إلى المدخل المنظومى فى إعداد المعلم للتغلب على عيوب إعداد المعلمين القائمة حالياً.
ولقد أصبح الأخذ بالمدخل المنظومى فى العملية التعليمية من الضروريات التى لا يمكن إغفالها، فكل عنصر فيه يؤثر ويتأثر ببقية العناصر فقصور منظومة التعليم سوف يؤثر سلباً على منظومة المنهج والجوانب التعليمية الثقافية. مما يلزم تفعيل المدخل المنظومي في تنمية المعلم مهنياً وبصفة خاصة معلم التعليم الثانوي لأهمية هذه المرحلة باعتبارها المرحلة الأخيرة في التعليم العام في المملكة العربية السعودية.
 أما مفهوم التنمية المهنية فإنه يهتم بأبعاد أكثر عمقاً؛ من أهمها وجود الدافعية والاستمرارية. كما تعرف على أنها عملية التعلم مدى الحياة من خلال أنشطة تعاونية يمارسها أطراف العملية التعليمية من طلاب ومعلمين وتستهدف تحسين إنجاز الطلاب فى بلوغ مستويات تعلم محلية أو عالمية ودعم ثقافة البيئة التعليمية التى تتميز بالتجريب، وروح الفريق، والحفاظ على البيئة واحترام وتدعيم طموحات الطلاب.(( Marsha & Carol, 2001,248  وتعد الحاجة إلى جعل التعليم أبقى أثراً، والحاجة إلى تحقيق الجودة الشاملة فى إعداد المعلم وتدريبه، والحاجة إلى التعلم الذاتى دافعاً لقيام الباحثون بهذه الدراسة التى تكشف عن تصور مقترح لدور المدخل المنظومى فى إعداد المعلم بالتعليم العام بمصر، والتوصل إلى مقترحات للارتقاء بمستوى إعداد المعلم الأكاديمى، والمهنى، والثقافى، وتسهم فى تحقيق التعلم الذاتى.