دراسة تقويمية لواقع الإرشاد الأكاديمي في بعض الجامعات المصرية استنادًا إلى المعايير المهنية الأمريكية.

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

جامعة

المستخلص

مقدمة البحث:
تؤدي مؤسسات التعليم العالي العديد من الأدوار الحيوية في المجتمع خاصة في عصر الاقتصاد الرقمي والتطور المعرفي والتكنولوجي الهائل. وتتضمن هذه الأدوار تأهيل وتخريج كوادر بشرية عالية الجودة تكون مسلحة بكافة مهارات القرن الحادي والعشرين. وحتى يصل الطلبة لهذا المستوى المنشود، ينبغي تقديم خدمات تعليمية متكاملة لا تقتصر فحسب على التدريس الجامعي، إنما يجب أن تُقدم لهم خدمات الإرشاد الأكاديمي التي تساعدهم بشكل كبير على تحقيق أهدافهم.
ويمكن القول بأن الإرشاد الأكاديمي يشير إلى تلك العملية المنظمة الهادفة التي تتضافر فيها جهود المسؤولين في المؤسسة التعليمية لتحقيق التطور والنمو المتكامل للطلاب في الجوانب الدينية والدراسية والمهنية والاجتماعية والنفسية وذلك أثناء سيرهم الدراسي بواسطة واحدة أو أكثر من الوسائل التي تراها المؤسسة التعليمية مناسبة لتحقيق ذلك التطور والنمو (سلطان عبد المقصود، 1990، ص123.)
 ويهتم الإرشاد الأكاديمي بمعاونة الطالب الجامعي في اختيار نوع التخصص ومتطلبات التخرج وتقديم المساعدة والنصح له للتكيف مع البيئة الجامعية، والتغلب على الصعوبات التي تعترضه، واتخاذ القرارات المناسبة التي تتصل بحاجاته الدراسية والشخصية بشكل عام، وجعله يتخذ القرار المناسب بشأن الحلول اللازمة للصعوبات التي يعاني منها ويمكن أن يقوم بهذه المهمة المرشد الأكاديمي أو عضو هيئة التدريس أحيانًا (عبد الرؤوف البدوي،2012، ص252. )
كما تبرز أهمية الإرشاد الأكاديمي ليس فقط في الاختيار الذكي للمواد المناسبة، بل أنه يتعدى ذلك ليشجع الطلاب على اكتشاف خبرات وقدرات الطالب الي لم يتوصل إليها بعد، وأن بإمكان المرشد الأكاديمي أن يساعد الطالب على تكوين نظرة جديدة عن عالمه بشكل عام، وعن نفسه بشكل خاص، وهذا يتطلب بالضرورة زيارة الطالب للمرشد بصورة منتظمة، مع عدم إغفال أن يتصل الطالب مع باقي أعضاء الهيئة التدريسية (أحمد شافعي، 2008، ص139.)
فالإرشاد الأكاديمي يعد حلقة الوصل الرئيسية بين الطلبة وأعضاء هيئة التدريس لمساعدتهم على التكيف مع البيئة الجامعية، وتقديم العون لهم لاكتشاف قدراتهم، وتطوير المعرفة الأكاديمية ومهارات البحث العلمي، لاسيما في مرحلة السنة الأولى جامعي، وصولًا إلى تحقيق تحصيل دراسي متميز وتخريج كفاءات مُؤهلة علميًا ومهاريًا (مخلوفي سعيد، 2017، ص188. )
ويعد الإرشاد الأكاديمي نظامًا سلوكيًا مصممًا للتفاعل مع نظام التدريس من أجل تحقيق أهداف العملية التعليمية التعلمية، وهو أحد أبعاد التدريس المهنية؛ إذ أنه يهدف إلى تطوير فاعلية التعليم التعلم، كما يهدف إلى تحسين العملية التعليمية التعلمية وتطورها بمعناها الشامل والمستمر، ويتمثل الإرشاد الأكاديمي في مد يد العون والمساعدة لعضو هيئة التدريس والطالب على أساس الاحترام والتقدير، وبذل الجهود لإيجاد الحلول والأبدال التي تسهم في تخطي المشكلات المنهجية واللامنهجية، والإسهام في تحديد مشكلات الطلبة وتحديد خصائصهم واحتياجاتهم ومساعدتهم لإشباعها) حازم الخطيب، ومروة أحمد، 2001، ص(2.
ولكي يحقق الإرشاد الأكاديمي الأهداف المنشودة من وراءه، فلابد لممارسة الإرشاد الأكاديمي أن تستند إلى معايير مهنية علمية متعارف عليها. ولقد ظهرت العديد من نماذج المعايير التي يستند إليها الإرشاد الأكاديمي والتي يجب على المرشد الأكاديمي مراعاتها في عمله، والتي يجب أن تتوافر في برامج الإرشاد الأكاديمي التي تقدمها الجامعات ومؤسسات التعليم العالي. وقد ظهرت هذه النماذج في عدد من الدول من بينها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وهونج كونج وغيرها من الدول (عصام غانم،(2022
وتعد المعايير المهنية الأمريكية للإرشاد الأكاديمي (CAS) من أبرز المعايير العالمية التي تستند إليها برامج الإرشاد الأكاديمي داخل وخارج الولايات المتحدة الأمريكية وهي المعايير التي قدمها المجلس الأمريكي لتطوير المعايير في التعليم العالي Council for the Advancement of Standards والمعروف اختصارًا (CAS) بهدف تحسين أداء المرشدين الأكاديميين إلى أقصى درجة ممكنة.
وتتضمن معايير برامج الإرشاد الأكاديمي وفقًا للمجلس الأمريكي لتطوير المعايير في التعليم العالي اثني عشر معيارًا رئيسيًا وهي معايير (المهمة- البرنامج- التنظيم والقيادة- الموارد البشرية- الأخلاقيات- القانون والسياسة والحوكمة- التنوع والعدالة والإتاحة- العلاقات المؤسساتية والخارجية- الموارد المالية- التقنية- التيسيرات والتجهيزات- التقييم (Council for the Advancement of Standards (CAS), 2014)
 ونجد أن للمعايير المهنية الأمريكية للإرشاد الأكاديمي (CAS) أهميتها الكبيرة في التأثير على برامج الإرشاد الأكاديمي وتحديد متطلباتها التي يجب أن تتوافر بها وكذلك في التأثير على المرشدين الأكاديميين ولتطوير ممارستهم وتحسين أدائهم (Keeling, 2010). ونظرًا لأهمية اتباع معايير مهنية محددة في عمل برامج الإرشاد الأكاديمي بمؤسسات التعليم العالي، فقد ركزت العديد من الدراسات العلمية على الكشف عما إذا كانت هذه البرامج تتسق مع المعايير المعترف بها في هذا المجال أم لا، فعلى سبيل المثال تناولت دراسة "كيلينج" (Keeling, 2010) تأثير الإرشاد الأكاديمي على المرشدين الأكاديميين وبرامج الإرشاد الأكاديمي، واهتمت دراسة "كيمبلاند" (Kempland, 2009) بإجراء دراسة تحليل مقارن بالبيانات المهمة الخاصة ببرامج الإرشاد الأكاديمي في عدد من مؤسسات التعليم العالي في ضوء مدى اتساقها مع غايات وأهداف المعايير المهنية الأمريكية للإرشاد الأكاديمي (CAS)، وتناولت دراسة "كيمبلاند" (Kempland, 2009) تأثير المعايير المهنية الأمريكية للإرشاد الأكاديمي (CAS) على برامج الإرشاد الأكاديمي التي توظف تلك المعايير.
واستنادا إلى ما تقدم وفي ضوء أهمية المعايير المهنية الأمريكية للإرشاد الأكاديمي (CAS) وضرورة تطبيقها في برامج الإرشاد الأكاديمي بالجامعات المصرية، تركز الدراسة الحالية على رصد وتقويم واقع الإرشاد الأكاديمي في بعض الجامعات المصرية استنادًا إلى المعايير المهنية الأمريكية للإرشاد الأكاديمي وذلك من وجهة نظر بعض المرشدين الأكاديميين في بعض الجامعات المصرية.