مستوى اضطراب المعارضة والتحدي لدى الطلبة ذوي صعوبات التعلم والطلبة العاديين

نوع المستند : المقالة الأصلية

المستخلص

يتصف سلوک معظم الأطفال في مرحلة العمر المبکر بالمعارضة والعناد من وقت لآخر، خاصة عند شعورهم بالتعب، أو الجوع، أو الحزن والضغط، فنجدهم يعاندون أو يعارضون ويرددون الکلام، ولا يطيعون آبائهم وزملاءهم والراشدين، وغالباً ما يکون سلوک العناد في المراحل العمرية المبکرة طبيعياً فذلک من خصائص المرحلة النمائية للطفل من عمر سنتين إلى ثلاث سنوات، ومثل هذا السلوک يعود بالظهور في فترة المراهقة المبکرة،فيعد طبيعياً، ولکن في حال استمر مثل هذا السلوک لدى الطفل وازداد تکراره مقارنة مع أقرانه من العمر نفسه والمستوى النمائي، وأصبح يؤثر على تفاعله الاجتماعي وحياته الأکاديمية والأسرية، عندها يجب الانتباه لذلک لأن الطفل قد يکون يعاني من اضطراب المعارضة والتحدي Oppositional Defiant Disorder (ODD)، والذي يعرف على أنه أحد الاضطرابات النفسية الشائعة في الطفولة ويتصف بالسلبية Negative، والمعاداةHostile، والسلوک المنحرف Deviant، بحيث يکون من الشدة ليؤثر على الحياة الوظيفية للطفل وعلى تحصيله الأکاديمي وتکيفه الاجتماعي والمدرسي (Fonseca,Cury,Santos,Sarrazin,Poinso&Deruelle,2010;Fraser&Wray,2008).
ويعرف بور (Bower(2013 سلوک المعارضة والتحدي بأنه اضطراب عقلي يحدث في سن الطفولة ويتصف بالغضب والمخاصمة، والمعاداة، والسلبية وسهولة الاستثارة، أو الحقد والسلوک الانتقامي. أما الأکاديمية الأمريکية للطلب النفسي للأطفال والمراهقين فترى الأطفال ذوي اضطراب المعارضة والتحدي بأنهم اولئک الذين يتصفون بسلوک عدم التعاون، والتحدي، والسلوک المعادي نحو أشکال السلطة، والذي يؤثر بدوره بشکل کبير على الحياة الوظيفية للطفل.
 (AmericanAcademy of Child& Adolescent Psychiatry ,2013).
ويشير الزغول(2014) إلى أنهم أولئک الأطفال الذين يعانون من أنماط سلوکية غير مقبولة اجتماعياً، مثل: السلبية، والتحدي، والعناد وعدم الطاعة، ومعاداة رموز السلطة، وهم بالوقت نفسه لا يظهرون سلوکات عدوانية تجاه الآخرين أو الحيوانات أو الممتلکات، ذلک لأنهم ينزعون نحو المجادلة ورفض الأوامر والتعليمات وإزعاج الآخرين المتعمد وتوجيه اللوم إليهم. وبالمقابل يرى فريک وهورن وليهي وکرست ولويبر... وهانسون(Frick, Horn, Lahey, Christ, Loeber., …& Hanson, 1993) أن الأطفال ذوي هذا الاضطراب ربما يعانون من بعض السلوکات العدوانية أحياناً، وغالباً يکون سلوکهم العدواني بسيطاً مقارنة بالاضطرابات الأخرى.
تتمثل السلوکيات الشائعة والمعروفة لدى الأطفال والمراهقين ذوي اضطراب المعارضة والتحدي، في: التحدي defiance، والحقد spitefulness، والسلبية negativity، وبعض أشکال العدائية والعدوان اللفظي البسيطhostiling and  verbal aggression،(American Academy of Child& Adolescent psychiatry,2013).
ولا توجد أسباب واضحة لهذا الاضطراب، إلا أن هناک عوامل يمکن أن تسهم في حدوثه، ومنها: العوامل البيولوجية الکيميائية أو العصبية، والعوامل الجينية، خاصة عندما ترتبط مع ظروف بيئية محددة، مثل: ضعف العناية أو عدم الاستقرار العائلي، کما أن هناک مسببات أخرى قد تشکل عوامل للإصابة بهذا الاضطراب، من أهمها: الإهمال، والتعرض للأذى أو الاغتصاب، وعدم الاستقرار العائلي، کحالات: الطلاق وتکرار الترحال من مکان لآخر وتغيير المدرسة، والمعايير غير الثابتة، ونقص الرعاية، وضعف العلاقات مع أحد الوالدين أو کليهما أو أن أحد الوالدين له تاريخ من اضطرابات المزاج أو الإدمان.
 (Fraser& Wray, 2008; Hutten, 2009).
وتقدر نسبة انتشار هذا الاضطراب بحوالي 5-15% لدى طلبة المدارس، وينتشر عادةً لدى الذکور بشکل أکثر مقارنة بالإناث وخاصة قبل مرحلة البلوغ، حيث تبدأ أعراض هذا الاضطراب بالظهور قبل سن (8) سنوات، وليس متأخراً بعد سن 13-15 سنة(American Academy of Child& Adolescent psychiatry, 2013 ). وتشير بعض الأدلة إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 6_10% لدى الأطفال (Fraser&Wray,2008).
 
قد يتطور، مسار هذا الاضطراب في بعض الحالات إلى اضطراب التصرف Conduct disorder، أو اضطراب المزاج Mood disorder، کما أنه عند التقدم بالعمر قد يتطور إلى اضطراب الشخصية المضاد للمجتمع،antisocial personality disorder أو إلى اضطراب الشخصية السلبية العدوانيةpassive aggressive personality،(American Academy of Child& Adolescent psychiatry,2013). لذلک، يجب أن يکون تشخيص حالات اضطراب المعارضة والتحدي دقيقاً وشاملاً، مع ضرورة الانتباه إلى أن أعراض هذا الاضطراب ربما تتداخل مع أعراض حالات ضعف الانتباه ADD، وصعوبات التعلمLD، والاضطرابات المزاجية واضطرابات القلق، واضطراب التصرف (Bower,2013). کون أن الاضطرابات العصبية النفسية Neurological تتداخل فيما بينها وغالباً ما تظهر مع بعضها بعضاً (Calhoun &Mayes,2007). حيث تشمل مشکلات التعلم والانتباه ومشکلات التعامل والانسجام مع الآخرين واضطرابات المعارضة والتحدي، ومشکلات ضبط السلوک لدى الأطفال (Swingle,2016). ففي دراسة أجروها مکجي وشير وموفت وويليام وسيلفا (McGee, Share, Moffitt, William & Silva,1998) على مجموعة من الطلبة ذوي صعوبات التعلم خلال المراحل الأساسية المبکرة، أظهرت وجود علاقة ارتباط بين المشکلات السلوکية وصعوبات القراءة لدى کلا الجنسين، کما أظهرت أن صعوبات القراءة ترتبط بسلوک المعارضة والتحدي ومشکلات الانتباه لديهم. وفي السياق ذاته توصل جونسون Johnson (2001) خلال مراجعته للدراسات السابقة في هذا الموضوع إلى وجود علاقة ارتباطية دالة بين صعوبات التعلم والمشکلات السلوکية. ووجود مستوى عال من التداخل بين أعراض صعوبات القراءة والمشکلات السلوکية خاصة ذات النمط الخارجي (Exterling Type) (Smart,Sanson&Prior,1996). فمشکلات الطلبة ذوي صعوبات التعلم لا تقتصر على القراءة والکتابة والحساب والذاکرة والتنظيم فحسب، وإنما يعاني الکثير منهم من مشاعر الإحباط، والغضب، والحزن، والخجل، بحيث تؤدي تلک المشاعر إلى مشکلات سلوکية من بينها العناد والمعاداة (Broatch,2008).
 ويؤکد بيرکولوبر وبيرميهر (Burke, Loeber & Birmaher, 2002) أن الخصائص السلوکية لذوي اضطراب المعارضة والتحدي تتداخل مع الأداء الأکاديمي والمدرسي للطفل، فغالباً ما يحصلوا على علامات مدرسية أقل،ولهذا عادةً ما يوضعون بصفوف خاصة مقارنة مع الطلبة الآخرين الذين يعانون من اضطرابات أخرى، بالإضافة إلى أن ذوي هذه الحالات يسببون مشکلات اجتماعية ومهنية،وفي بعض الحالات قد يترکون المدرسة. وانسجاماً مع ما سبق، فقد أفاد الکثير من الآباء بأن أطفالهم ذوي اضطراب المعارضة والتحدي مابين عمر 6-11 سنة ظهرت لديهم أثناء المرحلة الابتدائية مشکلات أکاديمية، وفي المدرسة المتوسطة والعليا بعمر 11-13سنة عانوا من صعوبات أکاديمية Academic Difficulties، وقد تسربوا من المدرسة في مرحلة المراهقة مابين 13-18 سنة، وبشکل عام کانوا أکثر توجهاً لتحدي المعايير الصفية، وتعمدوا عدم انجاز واجباتهم المدرسية، وکثيراً ما جادلوا زملاءهم، ومثل هذه السلوکيات أدت إلى نوع من الإعاقة الأکاديمية والاجتماعية لديهم (Salend & Sylvestre,2005 ).