مدى الوعي البيئي لأطفال الروضة بدولة الکويت

نوع المستند : المقالة الأصلية

المستخلص

يحثنا الدين الإسلامي على المحافظة على البيئة، وذلک خلال العديد من الآيات القرآنية کقوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ۖ لَّکُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ،  يُنبِتُ لَکُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِن کُلِّ الثَّمَرَاتِ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِکَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَکَّرُونَ﴾" (سورة النحل–آية رقم 10–11)، وکذلک قال تعالى: ﴿وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا ۗ لَکُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْکُلُونَ، وَلَکُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ﴾  (سورة النحل–آية رقم 5، 6)، وتشير هذه الآيات إلي النعم التي أنعم الله تعالى على عباده فيجب العناية بها والمحافظة عليها.
وما من جدال أن مرحلة الطفولة من أهم وأخطر المراحل التي يمر بها الإنسان خلال حياته، فهي مرحلة نمو القدرات، وتفتح المواهب ورسم التوجهات المستقبلية، وفيها يتم تحديد معظم أبعاد النمو الأساسية للشخصية، وتتحدد غالبية سمات السلوک والعلاقات الإنسانية، ويتم خلالها وضع البذور الأولى للشخصية التي تتبلور وتظهر ملامحها في مستقبل حياة الطفل، مما تشکل صورة واضحة ومفهومة ومحددة لذاته الجسمية والنفسية والاجتماعية، وبما يمکنه من التکيف السليم مع ذاته.
وأن توفير البيئة التربوية المناسبة والثرية للطفل في سنواته الأولى، تسهم بدرجة کبيرة في تکامل شخصيته واستمرارية نموه، کما أن تنمية جوانب نمو الطفل في هذه المرحلة يکون لها تأثير کبير في تحديد جوانب شخصيته في المستقبل، حيث أن ما يتعلمه في مراحل عمره المبکرة يثبت بذاکرته بدرجة کبيرة أکثر مما يتعلمه في مراحل عمره التالية.
وتعد مؤسسات رياض الأطفال من أهم المؤسسات التربوية التنموية التي يلتحق بها الأطفال، بهدف مساعدتهم على النمو السوي المتکامل، حيث تسهم في تنشئتهم وتنمية جوانب نموهم المختلفة، وإکسابهم أساسيات المهارات الحياتية، وتهيئتهم للتعلم فيما بعد (السعيد، 2010).
وتتضمن الخبرات التربوية التي تقدم في رياض الأطفال مجموعة من المفاهيم والمهارات والاتجاهات والقيم التي تتناسب ومستوى نمو طفل الروضة، وتستهدف تلک الخبرات تنمية شخصية الطفل بشکل متوازن ومتکامل في جميع جوانب النمو المختلفة، ويعد اکتساب المفاهيم من الدعائم الأساسية التي يبنى عليها عملية التعلم، مما يتطلب ضرورة التأکيد عليها وتوضيحها وإبراز العلاقات والأفکار المتضمنة في کل مفهوم، مع العمل على تطويرها باستمرار بما يتلائم والاحتياجات والمشکلات المتغيرة والمستحدثة.
وتمثل البيئة بکل مکوناتها کلا متکاملا يعمل بنظام دقيق يجعل من الحياة شکلا متوازنا، وأن أي خلل في مکونات البيئة يؤدي إلى ضعف التوازن في النظام البيئي مما يؤثر سلبا على حياة الأفراد، وقد ظهرت العديد من المشکلات التي أصبحت تتسبب في أضرار لحياة الإنسان، وذلک نتيجة للعديد من العوامل التي تساهم في قيام بعض الأفراد ببعض النشاطات غير الواعية تجاه البيئة (الصباريني، 2002)، وتعد المشکلات البيئية هي في الأساس مشکلات تربوية سلوکية، وبالتالي فإن الحل الأمثل لمواجهتها والمحافظة على البيئة وحمايتها، يکمن في حسن تنشئة الإنسان المدرک لظروفها، والواعي بما يواجهها من مشکلات وما يتهددها من أخطار والقادر على أن يسهم في حمايتها وصيانتها عن رغبة واقتناع. (جاد، 200:2014)
وما من جدال أن استخدام الإنسان للبيئة الطبيعية المحيطة به بصورة غير جيدة، يمکن أن يؤدي ذلک إلى إحداث نوع من الخلل في مکونات تلک البيئة، مما قد يجعلها عرضة لمخاطر التلوث والتصحر والتفجر السکاني وتدهور النظم البيئية وغير ذلک، ومن ثم بدأ القلق يساور الإنسان في هذا الشأن، فأخذ يبحث عن الحلول التي تساعده على الحفاظ على بيئته، ومن هنا نبعت فکرة التربية البيئية حيث أخذت التربية على عاتقها نشر الوعي البيئي، مما تطلب ضرورة البدء بتنمية الوعي البيئي من الطفولة المبکرة للمحافظة على مستقبلهم ومستقبل أبناءهم من بعدهم، ولمستقبل الأرض التي ينتمون لها ويعيشون عليها ويشربون من مائها ويتنفسون هوائها ويأکلون من نتاجها، وبذلک يمکن مساعدة الأفراد على التمتع بالصحة الجسمية والنفسية والاجتماعية، مما يجعلهم أکثر إيجابية وإنتاجية مستقبلا (اليتيم، 2005).
ويمکن القول إن اکتساب الفرد للمکونات المعرفية والانفعالية والسلوکية تتم من خلال تفاعله المستمر مع بيئته والتي تسهم في تشکيل سلوک الفرد ويجعله قادرا على التفاعل بصورة سليمة مع بيئته، ويکون قادرا على نقل ونشر هذا السلوک للآخرين من حوله (السعدني والأبساط، 2002: 104).
  وما من جدال أن للأسرة دور هام في مساعدة أفرادها في اکتساب الثقافة البيئية التي تساعدهم على اکتساب القيم والمبادئ والمعايير السلوکية التي تحدد اتجاهات أفرادها وسلوکياتهم نحو البيئة، بما يتفق والمعايير المرغوبة، وترتبط تلک الثقافة إلي حد بعيد بکل من مستوى تعليم الأفراد، وطبيعة البيئة، وأماکن الإقامة، ومکانة الوالدين الاجتماعية والثقافية، والقوانين المحددة لذلک، ومدى التعريف بها وغرسها في نفوس النشء (عبد الحميد، 1998: 237)، ولا ينفصل مفهوم الثقافة البيئية عن مفهوم الوعي البيئي بل هو معبر عنه، حيث إن الثقافة البيئية تخلق نوعا من الوعي البيئي لدى الفرد.
ويتمثلالهدف العام للتربية البيئية في مساعدة المتعلمين في مختلف الأعمار على فهم البيئة ومکوناتها والعلاقات المتبادلة بين هذه المکونات، وکيفية العمل على حل المشکلات البيئية المرتبطة بها، والحيلولة دون ظهور مشکلات جديدة، وإکسابهم المهارات المختلفة التي تحقق هذا الهدف، وکذا العمل على تطوير بيئتهم واتخاذ القرارات المناسبة بشأنها، وإکسابهم القيم والاتجاهات وأوجه التقدير التي توجه سلوکهم نحو البيئة، مما يعمق إحساسهم بأهمية المحافظة على البيئة وتحسينها (محمد، 2010: 20).
إن التوعية البيئية تعتمد على ثلاث مفاهيم رئيسة کل منها يمثل مرحلة معينة وهي کما يلي:
 تنمية إدراک الفرد عن البيئة، والمعرفة بالبيئة واعتماد الثقافة وسيلة للتکيف معها، وتوعية الأفراد باعتبارهم يعيشون في بيئة ذا سمات محددة مما يسهم في تکوين التزام خلقي نحوها إذ يتحملون دورا کبيرا في سلامة ومظهر البيئة وتعرف مشکلاتها ومحاولة تقديم مقترحات وبذل الجهود لحلها.
وتمثل الجوانب المشار إليها کل مترابط يعتمد کل منها على الآخر، ففي المرحلة الأولى يحاول الطفل اکتشاف البيئة من خلال الملاحظة وتعرف مکوناتها وعناصرها، وذلک خلال القيام بالرحلات لتعرف البيئة بمکوناتها المختلفة، وتتعلق المرحلة الثانية بالتأکيد على عمليات التعليم والتعلم، وذلک خلال العديد من الأنشطة، کاستخدام بعض عناصر البيئة والتفاعل معها بما يتناسب وقدرات الأطفال، وکذلک ممارسة الأنشطة الفنية والقصصية والموسيقية وبعض الألعاب الحرکية بما يتناسب ومرحلة نموهم ... وغير ذلک الکثير، أما المرحلة الثالثة فتمثل التوعية والتربية البيئية، والتي تؤکد على الاهتمام بالبيئة وتنمية المهارات والقيم المستهدفة لتشکيل سلوک الأطفال، إذ تسعى إلى خلق بيئة إيجابية، وتجعلهم أکثر تفاعلا معها ومشارکة في تحسنها وتطويرها، وکذا وضع الحلول للحد من مشکلاتها (برعي، 2006: 582).