فاعلية العلاج العقلاني الانفعالي في الحد من الهروب المدرسي بالمرحلة الإعدادية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

کلية

المستخلص

تعد مرحلة المراهقة من أخطر المراحل التي يمر بها الإنسان ضمن أطواره المختلفة التي تتسم بالتجدد المستمر، والترقي في معارج الصعود نحو الکمال الإنساني الرشيد، ومکمن الخطر في هذه المرحلة التي تنتقل بالإنسان من الطفولة إلى الرشد، هي التغيرات في مظاهر النمو المختلفة (الجسمية والفسيولوجية والعقلية والاجتماعية والانفعالية والدينية والخلقية)، ولما يتعرض الإنسان فيها إلى مشکلات سلوکية متنوعة وصراعات متعددة، داخلية وخارجية.
 وتعد مشکلة الهروب المدرسي في المرحلة الإعدادية، من المشکلات السلوکية المدرسية التي تحدث في مرحلة المراهقة، والتي تتطلب حلاً جذرياً يرتبط بالواقع وظروف المجتمع، ولهذه المشکلة دوافع متعددة منها ما يتصل بالمنزل أو البيئة المحلية والاجتماعية أو البيئة المدرسية أو ما يتصل بالتلميذ نفسه وحاجاته النفسية ومتغيرات شخصيته، وطريقة تفکيره، واعتقاداته عن المدرسة وأهميتها والتعليم وفائدته للفرد والمجتمع.
وقد شغلت مشکلة الهروب المدرسي المشتغلين في مجال التربية من المعلمين، والنظار، والمدراء، والآباء للوصول إلى حل مناسب، إلا أن هذه الحلول تتمثل في نشر القواعد المدرسية المتسلطة أو استخدام العقاب البدني وإخطار الوالدين، ومع کل هذه الإجراءات ما زالت المشکلة قائمة.
 والهروب المدرسي نوع من أنواع الانسحاب الذي يدل على عدم قدرة التلميذ علي فهم ذاته وقدراته ووجود مشکلات تتعلق بمتغيرات شخصية التلميذ فقد يعاني من الانطوائية والخجل، والاتجاهات السلبية نحو المدرسة.
ويعتبر الهروب من المدرسة وعدم الانتظام فيها من المشکلات السلوکية الهامة للتلاميذ والتي تؤثر على نجاح العملية التعليمية والتي تؤدى إلى الانحراف والتسرب وفقدان التلاميذ لمستقبلهم التعليمي (رئاسة الجمهورية – المجالس القومية المتخصصة، 1997:21).
ويعد الهروب من المدرسة مشکلة اجتماعية بالدرجة الأولى وهي تمثل سلوکاً مرفوضاً من قبل الأسرة ممثلة في الوالدين والمدرسة في إدارتها ومدرسيها، وقد يتخذ سلوک الهروب من المدرسة أشکالاً مختلفة مثل الهروب الفردي أو الهروب الجماعي (الصفتى وآخرون 2000، 8).
ويعتبر منسي (303:1990) أن ظاهرة الهروب المدرسي من الظواهر النفسية والتربوية التي تؤدى إلى اضطراب الدراسة وتأثر العملية التعليمية تأثيراً سلبياً، هذا بالإضافة إلى أن هذه الظاهرة تعتبر مؤشراً لقصور النظام التعليمي في المدارس وسوء الإدارة المدرسية وعجز المدرسين عن التدريس الفعال علاوةً على ضعف إمکانيات البيئة المدرسية.
ويتفق نيل Neil (1979) وبلوک وآخرون Block et al (1978) على أن الهروب المدرسي من أکثر الأمور التي ترهق مديري المدارس بأمريکا وأن نسبة الهروب في المدارس الأمريکية قد تجاوزت 5% في السنوات الأخيرة، کما وصل متوسط الهروب من المدارس في بعض السنوات إلى 18.3% في مدينة نيويورک، وفى مدينة الستيوى 47% وفى ولاية کوينتکات 25%.
ويشير هوکنز وهرنکونلHawkins & Herrenkonl (2003) أن مشکلة الهروب المدرسي إحدى المشکلات السلوکية التي تختلف من مجمع لآخر ومن بلد لآخر، ويرجع ذلک إلى اختلاف الثقافة وعوامل أخرى وتظهر هذه المشکلة في فترة المراهقة المبکرة، وتتمثل في قيام التلاميذ بترک المدرسة أو الغياب عنها ومظاهر من العنف وسلوکيات غير طبيعية أخرى.
ونستطيع أن نتصور خطورة مشکلة الهروب المدرسي وتأثيرها على مستوى التعليم وارتفاع نسبة الأميين وخاصة إذا علمنا أن نسبة الهروب من المرحلة الإعدادية والثانوية بلغت 41% (عبد الله، 1985: 113).
وتبدو هذه الظاهرة في جمهورية مصر العربية أکثر وضوحاً في بعض قري الريف المصري وإن کان هناک محاولات للقضاء عليها إلا أنها مازالت تمثل مشکلة من المشکلات التربوية التي تواجه المدرسة والعملية التعليمية ومشکلة سلوکية يعاني منها بعض الآباء والأمهات والتلاميذ، وتعود المشکلة لتداخل العديد من الأسباب منها المستوي الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والمادي والشخصي والنفسي.
کما أن مشکلة الهروب المدرسي تعد من المشکلات السلوکية التي لها تأثير قوي على بنية المجتمع وسلامته من الناحية النفسية والتربوية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية أيضاً، وقد رصد الباحث مجموعة من الدراسات تناولت ظاهرة الهروب المدرسي من اتجاهات عدة ومع متغيرات متعددة منها دراسة بربرلي (2001) Brearly , M، والتي أشارت إلى تحسن اتجاهات التلاميذ نحو المدرسة بنسبة 81% بعد تعرض هؤلاء التلاميذ لبرنامج إرشادي سلوکي يهدف إلى خفض الاتجاه السلبي نحو المدرسة، ودراسة سکوت براين (2002) Scott Brian, S والتي أشارت إلى فاعلية التدخل بالإرشاد الجماعي مع الطلبة العدوانيين في تعديل الاتجاهات السلبية نحو المدرسة، ودراسة نيکولاس أندرو Nicholas,A  (2001) والتي أکدت على أهمية تنظيم وقت الجدول المدرسي والفصل الدراسي للحد من ظاهرة الهروب المدرسي، ودراسة عبد القوي (2000) والتي أشارت إلى فاعلية العلاج المعرفي في خدمة الفرد في مواجهة مشکلة التسرب الدراسي لدي تلاميذ الحلقة الأولي من التعليم الأساسي، وبناء علي ما سبق أراد الباحث في محاولة علمية جادة استخدام إحدى المداخل العلاجية القوية في مجال علم النفس الإرشادي والعلاج النفسي للحد من ظاهرة الهروب المدرسي لدي تلاميذ المرحلة الإعدادية في الريف المصري وهو العلاج العقلاني الانفعالي.