دور معلمي التربية الإسلامية في تعزيز البيئة التعليمية الآمنة لدى طلبتهم من وجهة نظر المعلمين أنفسهم في محافظة العاصمة

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

کلية

المستخلص

تستغرق الأخبار المتعلقة "بالعنف" في کافة أشکاله وصوره وعلى امتداد العالم، مساحة کبيرة من الإعلام المطبوع والمسموع والمرئي، وبات الهاجس الأمني يؤرق الأفراد والمجتمعات والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية؛ مما ترتب عليه تشريع للقوانين وإعادة النظر في المناهج الدراسية وعقد الندوات والمؤتمرات وورش العمل، وتکثيف البرامج الإعلامية نحو قضية العنف.
ويأتي ذلک کله في سياق إدراک العالم بأسره لعواقب غياب الأمن وانتشار العنف، إذ لا تتوقف عواقب العنف على الإصابات الجسدية والآثار النفسية السلبية، فللعنف آثار اقتصادية، تتمثل بتکاليف العناية الصحية والنفسية بالمعنَّف والمعنِّف والذي تتحمله المؤسسات الصحية والاجتماعية في القطاع العام لعلاج الإصابات الجسدية والاضطرابات النفسية الناتجة عن العنف ونتائجه السلبية على الإنتاج والاستثمار؛ ومما لا شک فيه أن تأثير العنف أشد خطورة على اقتصاد البلدان الفقيرة. (أبو غزالة، 2008)
وفي الأردن أدت مشاهد العنف التي شهدتها المؤسسة التربوية والتعليمية إلى زيادة الوعي بأهمية توفير البيئة التعليمية الآمنة، بما يتفق ودورها في مساعدة المتعلم على تحقيق أهدافه التي يصبو إليها؛ لأن الأمن کان وما زال، وسيبقى وسيلة الحياة الهانئة ومفتاح الدخول إلى عالم العمل والإنجاز؛ وهو أهم ما يُميز المجتمعات المستقرة والمتقدمة عن سواها؛ فهو حاضن التواصل بين الأفراد، وداعم الترابط الاجتماعي.
ولا شک بأن معالجة ظاهرة العنف المجتمعي تتطلب تضافر جهود المؤسسات الرسمية وغير الرسمية کافة؛ لأن العنف المجتمعي هو مظهر لأزمة أکبر ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وسياسية، والتي نتجت عن التحولات التي عاشها المجتمع الأردني في العقدين المنصرمين. کذلک فان معالجة هذه الظاهرة الخطيرة يجب أن تستند إلى قناعة مفادها أنه لا يمکن معالجتها من منظور أمني فقط على الرغم من أهميته ومحوريته في معالجتها، بل تحتاج إلى منظور طويل الأمد يستند إلى برامج وخطط متعددة الأبعاد والمجالات، بالإضافة إلى الحاجة لمعالجة هذه الظاهرة بطريقة متکاملة ومتناغمة. (جريدة الدستور، 2014)
ولعلّ مؤسسة التربية والتعليم معنية بصورة مباشرة في التصدي لظاهرة العنف وآثارها، من خلال العناصر المتعددة، ويمثل المعلم الرکن الأساس في التربية على القيم الفاضلة ونبذ مظاهر العنف، ويتوقف عليه إلى حد کبير وصول البيئة المدرسية المنشودة إلى الوضع الآمن، وهذا يتطلب أن يخرج المعلم عن الإطار الضيق المحدود بالسبورة والطبشورة، والمحدود أيضاً بالمعلومات والامتحانات إلى الالتفات بوجهه نحو المتعلمين ليعلمهم ويرعاهم ويرشدهم ويحسن تربيتهم " لما للمعلم من دور فاعل في إنجاح الطلبة بفاعلية واعية أو إحباطهم، فهو يزرع فيهم کل شيء حسن أو کل شيء سيئ، وهو الذي يدعم لديهم القيم الإيجابية أو السلبية وهو الذي يعدهم للحياة بأبعادها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وهو الذي ينير لهم الطريق ويبصرهم بآفاق المستقبل، وهو الذي يقدح بزناده عقولهم ويحلق بهم في آفاق العلم والمعرفة، وهو الذي ينمي ويرسخ في نفوسهم جميع القيم الخيرة وأسس ومبادئ السلوک الاجتماعي السليم والمرغوب فيه" (الخطيب، 2003، ص6).
والمعلم معنى بعمليات الإصلاح المدرسي کافة، ونجاح هذه العملية أو فشلها يعتمد عليه، والاتجاه نحو مشارکة المعلم في عمليات الإصلاح المدرسي أمر مهم؛ لأن له مبرراته العلمية، وهو اتجاه عالمي؛ لذا على المعلم أن يستعد لممارسة هذا الدور. ولکي يؤدي المعلمون الدور المسند إليهم، ويشترکوا اشتراکاً فعالاً في الإصلاح المدرسي "يقتضي ذلک مراعاة خصائصهم الشخصية فيما يکلفون به من عمل، وکذلک إعدادهم المهني، وعدم فرض مناهج معينة عليهم، وأن تکون أعباؤهم التدريسية مناسبة بحيث تسمح لهم الاشتراک في تلک العملية المستمرة الهامة" (ريان، 1972، ص 10). والمعلمون يجب أن يکون لهم دور فعال في الإصلاح القيمي المدرسي فهم قادرون على أن يکون لهم دور إيجابي في جميع المراحل التي يمر بها هذا الإصلاح.
ويشغل معلم التربية الإسلامية مکانة متميزة بين أقرانه ومرکزاً مهماً في نظام التعليم المدرسي، وتحتم عليه هذه المکانة القيام بأداء أدوار معينة تحقق توقعات المجتمع منه، وينبثق هذا الدور من أهمية رسالة الشريعة الإسلامية التي يتصدى لتعليم قيمها ومبادئها ومهاراتها، ويتطلب أداء هذه الرسالة أن يعي المعلم خطورة العنف المتولد لدى هذه الفئة من الطلبة التي يعول عليها المجتمع الکثير في تحقيق تطلعاته المستقبلية؛ وغني عن البيان الإشارة إلى أهمية منهاج تعليم التربية الإسلامية في المدرسة، والوزن المعطى له، أو الحديث عن مبررات ذلک، فاستثمار تعليم الدين الإسلامي في المنهاج المدرسي يعود على سلامة البيئة المادية والمعنوية بمزيد من الهدوء والسلام. لا سيما وأن معالجة التربية الإسلامية لهذا النوع من القضايا تتميز بالإقناع العقلي وعمق التأثير الوجداني.