تطوير أساليب بناء المقررات الجامعية فى ضوء مواصفات الخريج ومصفوفات نمو الخبرات المتکاملة: دراسة تطبيقية في أحد الجامعات السعودية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مشترک

المستخلص

تحولت مشکلة البطالة إلى أزمة تهدد العديد من المجتمعات الإنسانية، ومصدر متزايد للقلق له مخاطره على الأمن الاجتماعي والسلام العالمي، ومأزق سياسي له تداعياته الاقتصادية والاجتماعية بما يسببه من تعطيل لطاقات الشباب - تلک الفئة التى تمثل المورد البشري الأعلى إنتاجيه في المجتمع- ومن ثم فإن الضغط يزداد على مؤسسات التعليم العام والعالي من أجل إيجاد الحلول، ووضع الخطط، وتطوير البرامج للحد من مشکلة البطالة.
وتشير الإحصائيات إلى زيادة نسبة البطالة، فقد بلغت وفق إحصائية دولية حديثة 25% في الوطن العربي، ووجد أن 40% من بين العاطلين من الشباب، وهى أعلى نسبة في العالم وفق تصريحات منظمة الأمم المتحدة للتنمية (اليونيدو، 2011). وفي ظل هذه النسبة المرتفعة، فإن الشباب -أصحاب التوقعات الدائمة التجدد والفرص الوظيفية المحدودة- أصبحوا بمثابة قنبلة اجتماعية موقوته تستلزم برامج تنموية وتعليمية ومهارات مرنة لتلبية متطلبات سوق العمل الدائمة التطور والخاضعة لتطلعات عصر العولمة (عائشة باه ديالو، 2005).
ومعالجة أزمة البطالة بتداعياتها يتطلب تحديد أولويات التخطيط للتنمية طويلة المدى، وذلک بالترکيز على التعامل مع ثلاثة متغيرات فاعلة في آن واحد: الإنسان، القدرات "الکفاءات"، البيئة "السياسية، الاجتماعية، الثقافية"، ولا سبيل للتعامل مع هذه المتغيرات الثلاث بعيدا عن التعليم. وقضية التعليم الکبرى الآن، تتحدد في توفير الخبرات التربوية المناسبة التي تساعد على تکوين الشخصية القادرة على الإنتاج والتقدم، والتي تمتلک الإرادة على التطوير المجتمعي، وتستطيع مقاومة البطالة وايجاد فرص مستمرة للعمل وإعالة الذات والنهوض بالمجتمع (إبراهيم بدران: 2011).
إن التخطيط طويل المدى والذي يسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية لم يعد يتوقف على ما تمتلکه الدول من موارد طبيعية، وعناصر إنتاجية فقط، بل يتوقف أيضا على المستوى العملى والمهارى لقوة العمل، التي تمکنها من استيعاب وملاحقة التطورات السريعة والمتلاحقة لفنون الانتاج، وأصبح مصدر القوة الجديد هو المعرفة فى يد الکثرة، بدلا من الأموال فى يد القلة (مجدى يونس : 2011).
فالمعرفة کمصدر قوة في التنمية الاقتصادية لم يلق العناية المطلوبة من قبل مؤسسات التعليم العالي حيث أشارت نتائج العديد من الدراسات الحديثة إلى أن تخطيط التعليم الجامعي لا يتوافق مع احتياجات خطط التنمية من القوى البشرية، کما أن برامج التعليم الجامعي لا تکسب الخريج المهارات المهنية اللازمة لاحتياجات سوق العمل (نادية محمد، أنيسة هزاع: 2010 ومجدى يونس: 2011) وأوصت الدراسات السابقة بإعادة النظر فى سياسية القبول بالجامعة، وتطوير برامج التعليم الجامعى وفقا لمستجدات العصر، وحاجة سوق العمل الحالية والمستقبلية، وبما يواکب المعايير العالمية الأکاديمية لطبيعة التخصص.
إنّ برامج التعليم الجامعي لها خصوصيّتها؛ من حيث کونها البرامج النظامية التي يتلقى فيها الطلاب والطالبات تعليمهم التخصصي الذى يُعدّهم لعالم العمل والإنتاج، ولقيادة عمليات التنمية بالمجتمع، الأمر الذي يتطلب تحديد أفضل الممارسات التي تسهم فى تحقيق الأهداف المتصلة بالمعايير العالمية، وسمات الخريجين، والتي تؤکد قدرتهم على القيام بممارسة مسئولياتهم تجاه العمل التنموي.
ولا يخفى على الجميع أن دور الجامعات في تنمية القدرات وتوفير الکفاءات القادرة على تحسين الأحوال البيئية، وتحقيق التقدم يحتاج إلى تطوير في المنظور الفلسفي، وإعادة هيکلة لمنظومة القيم المستهدف إکسابها للخريجين، وإلى المعرفة التي تشکل المرتکز الأساسى لتطوير قدراتهم التخصّصية وتوجيهها نحو التنمية المجتمعية واتخاذ القرار، وإلى البحث العلمي بمهاراته وعملياته في تطوير قدرات الإنتاج، وقد أشار "بدران" إلى الوصايا العشر لإصلاح الجامعات وحددها فيما يلي: (إبراهيم بدران: 2011)

دور الجامعة فى إعادة هيکلة منظومة القيم
دور المعرفة فى التنمية ودعم صنع القرار
دور البحوث في تعزيز القدرات الإنتاجية
إثراء رأس المال الفکري والرصيد المعرفي
تحديد علامات الطريق لأفضل الممارسات المطلوب تنفيذها
الحوکمة من خلال المشارکة
إحداث التغير الاجتماعي
بناء شبکات مجتمعية
التعايش مع العولمة
تنمية القدرات والکفاءات

وتلقي الوصايا العشر السابقة الضوءعلى الدور المعرفي البارز للجامعة في المجتمع، إذ تقع المعرفة على قمة هرم الخبرة المربية التي تقدم فى إطارالتعليم العالي، بينما نجد المجتمع يقع على قمة هرم الخبرة المربية فى مراحل التعليم المتوسط والثانوي، ويأتى المتعلم على قمة هرم الخبرة المربية فى مراحل الطفولة المبکرة. فالجامعة مؤسسة تعليمية منوط بها إعداد المتخصص الذى يمتلک من المعرفة ما يؤهله لممارسة عمل مهني متخصص، ويجعله قادرا على جمع المعلومات والتعامل معها، وإنتاج معارف جديدة، وإيجاد فرص عمل مستمرة، ومواجهة التنافس العالمي. والمعرفة وحدها غير کافية لتلبية متطلبات بناء القدرات إذا لم تحمل وتعزز بالقيم والمهارات الداعمة للعمل المهني التخصصي. فعند وضع القيم في الاعتبار، إضافة إلى القاعدة المعرفية في منظومة بناء القدرات سنلاحظ أنّ کفاءة الفرد المستهدف بالتنمية ترتفع، وسيتم إثراء رأس المال البشري بالمجتمع، وذلک من منظور تقبل العلم والمعرفة کحليف مفيد وليس کعامل مهدد للثوابت.