التربية الأمنية وتطبيقاتها في السيرة النبوية ما قبل الهجرة

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مضوي

المستخلص

تعتبر شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم القدوة والأسوة الحسنة الصالحة للمسلمين والمجتمع الإسلامي في کل وزمان ومکان، تصديقاً لقوله تعالى: ﴿لَّقَدْ کَانَ لَکُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن کَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَکَرَ اللَّهَ کَثِيرًا﴾ (سورة الأحزاب الآية 21)، فسيرته صلى الله عليه وسلم کتاب مفتوح فيه کل نشاطاته وأحواله العامة والخاصة، فلم يَخفِ شيئاً أمره الله بتبليغه وقوله وفعله، وتولى أصحابه الکرام رضوان الله عليهم بيان وعکس هذه السيرة بکل شفافية وصدق وموضوعية.
 إنَّ من الأمور والأحوال التي ينبغي الوقوف عندها والأخذ بها من سيرته صلى الله عليه وسلم التربية الأمنية والتي سعى بکل ما أوتي من قوة وجهد أن يربى عليها أصحابه الکرام في حياته، ومع أنَّه صلى الله عليه وسلم بشر يُوحي الله تعالى إليه، إلا أنَّه أخذ بالأسباب ليکون في ذلک التدريب، والتمرين لمن هم حوله ومن يأتون من بعدهم، ليواصلوا مسيرة الدعوة إلى توحيد الله تعالى، ونشر الإسلام في کل بقاع الأرض ما استطاعوا إلى ذلک سبيلاً.
 لقد سعى الرسول صلى الله عليه وسلم لتربية أصحابه رضي الله عنهم، في کل جوانب شخصياتهم ليصل بهم إلى التربية الشاملة والمتکاملة والمتوازنة، التي تعينهم في أداء واجبات الدعوة للإسلام، ومن تلک الجوانب الجانب الأمني.
 أصبح الأمن بمفهومه الشامل مطلباً أساسياً وأولوية قصوى، لکل الأمم والشعوب والمجتمعات، حتى ساد ما أصطلح عليه (الأمن مسؤولية الجميع)، شعاراً لکل منظمات المجتمع الرسمية وغير الرسمية، ومعلوم أنَّ جميع أنشطة الإنسان وسير حياته بصورة طبيعية تتوقف بدرجة أساسية على توفر الأمن، ونادي کثير من المختصين بالأمن الشامل أو الأمن التکاملي الذي تتسع فيه المنظومة الأمنية لتتضمن کل أمن المواطن، وراحته واستقراره، واستلزم ذلک اتساع نطاق المسؤولية الأمنية (فالأجهزة الأمنية وحدها المسؤولية عن الحفاظ على أمن المجتمع ومکتسباته - وإن کان يقع عليها الجزء الأکبر من المسؤولية – بل أصبحت جميع مؤسسات المجتمع مسؤولة عن تحقيق الأمن الوطني وتعزيزه). (المنشاوي، 1427، 2).
 ظهرت الحاجة الملحة لدور مؤسسات التربية والتعليم الرسمية وغير الرسمية بصورة کبيرة في إشاعة وبث الثقافة الأمنية، ومع نظرة المجتمعات الحديثة إلى التربية الرسمية على أنها مؤسسات تعليمية ذات وظيفة اجتماعية تقوم على خدمة المجتمع، وإشباع احتياجاته، برز الاهتمام بتطوير القدرات الفکرية والاجتماعية والاقتصادية والتربوية لتحقيق هذا المطلب.
 تتضح الحاجة إلى التربية الأمنية من خلال کون التربية والأمن يشکلان حاجات فطرية أساسية للإنسان للأسباب الآتية: (السلطان، 1424، 3)
1 / إنَّ الإنسان مدني بطبعه فهو بحاجة إلى العلاقات الاجتماعية التي لا تستقيم دون التربية والأمن معا ً.
2 / إنَّ الإنسان قابل للخير والشر، لذا يحتاج دائماً إلى التوجيه بأساليب ووسائل مختلفة، عبر مؤسسات التنشئة الاجتماعية وهذه لا تتحقق إلا التربية والأمن معاً.
3 / إنَّ سلامة الجنس البشري متوقفة على عدة عوامل، منها الحاجة إلى الألفة والطمأنينة والسکينة وهذه لا تتحقق إلا بالتربية والأمن معاً.