الفروق في الذکاءات المتعددة بين الطلبة ذوي الإعاقة السمعية والطلبة ذوي الإعاقة البصرية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

سوالمه

المستخلص

احتل مفهوم الذکاء الإنساني حيزاً واسعاً في عمليات البحث العلمي في محاولات تهدف للوقوف على حقيقته، تمثل ذلک في عدد کبير من الدراسات والبحوث والنظريات متعددة المناهج والأساليب التي سعت للوصول إلى تصور واضح عن طبيعة الذکاء الإنساني من حيث مکوناته، وخصائصه، ومظاهره، وأساليب التعبير عنه. وقد تباينت هذه الدراسات في نظرتها لمفهوم الذکاء من التکوين الأحادي إلى التکوين الثنائي ثم التکوين المتعدد الأبعاد، فيما يعرف بنظرية التکوين العقلي (حسين، 2005).
وأحدثت نظرية الذکاءات المتعددة تغيراً في طرق التعليم بالنسبة للعاديين وذوي الاحتياجات الخاصة، فقد فتحت أمام جميع الأطفال باختلاف مستوى ذکائهم -کما يقاس بالمقاييس التقليدية - أبواب التعلم بطرق غير تقليدية، وهذا يجعل کل طفل أياً کانت نسبة ذکائه يشعر بأهميته وقدرته؛ فيقبل على تعلم الخبرات الجديدة، ومن ثم يستطيع أن يجد الدور الذي يجعله عضواً نافعاً في المجتمع فيشعر بجودة الحياة ومن ثم التوافق النفسي.
ولنظرية الذکاءات المتعددة تطبيقات کثيرة في مجال التربية الخاصة؛ فمن خلال ترکيزها على مدى عريض من القدرات، تضع هذه النظرية نواحي العجز والإعاقات الذهنية في سياقٍ أوسع، وباستخدامها يستطيع المربًون أن ينظروا إلى الأطفال ذوي الحاجات الخاصة کأشخاص کاملين (أصحاء) في الأساس، أي أنهم يملکون نواحي القوة في مجالات کثيرة من الذکاءات، مع اعترافها بالصعوبات وجوانب العجز التي يواجهونها والتي تعيق نموهم العقلي والانفعالي، وتقليل الإحالات إلى فصول التربية الخاصة؛ حيث تصبح غرفة الصف أکثر حساسية للفروق الفردية لدى المتعلمين، ويصبح معلم التربية الخاصة مستشاراً في الذکاءات المتعددة للمدرس العادي من خلال تحديد أقوى الذکاءات المتعددة للطالب والترکيز على ميوله واهتماماته الفردية، والترکيز على تحديد وتقييم جوانب القوه والتفوق لکل طالب، وزيادة تقدير الذات لدى المتعلم (Changeux&Princeton,2000).
وقد أثبتت الدراسات أن الطلبة ذوي الحاجات الخاصة يستطيعون تعلم استخدام نظام رمزي بديل في ذکاء معين لم يتعرض للتلف، وأفضل مثال على ذلک طريقة برايل مع الأفراد ذوي الإعاقة البصرية، حيث يندمج النظام الرمزي (مکتوباً أو شفوياً) مع النظام الرمزي الجسمي الحرکي والمکاني، کذلک استخدام لغة الإشارة مع الطلاب الصم (Patterson, 2002).
وتقدم نظرية الذکاءات المتعددة تصوراً بديلاً للذکاء يقود إلى نظرة مختلفة للمدرسة من خلال التأکيد على أن الأفراد يختلفون في قدراتهم وميولهم وذکاءاتهم وأن على المدرسة أن تقدم المنهج بما يتناسب مع قدراتهم ومهاراتهم من خلال تقديم برامج وأساليب تعليمية تقدم على أساس الفروق الفردية بين الطلاب (Klein,2003).
ومما لا شک فيه أن الإعاقة السمعية والبصرية لها آثار تحول دون النمو السليم للطفل، مما يوجب الاهتمام المتزايد بالدراسات المعرفية التي تهتم بنمو الذکاء ودرجاته وباقي القدرات العليا عند فئات ذوي الاحتياجات الخاصة لدراسة العلاقة بين اللغة ودورها في النمو المعرفي واستخلاص دور وتأثير اللغة الشفوية في النمو العام، ومسار النمو المعرفي (بن الطاهر، 2006).
وتشير الدراسات إلى أن الطفل المعاق سمعياً وخاصة الأصم يتبع المراحل التطورية نفسها التي يتبعها الطفل عادي السمع، لکن هناک اختلاف في الکيفية التي يعتمدها الطفل في حل المشکلة، ويتبعون طريقة بطيئة في القدرات التطورية التي أشار إليها بياجية، التي يعتمدون فيها أساساً على المظاهر الشکلية (الدماطي، 2002).
وتعاني فئة المعاقين سمعياً الکثير من المشکلات، التي لها علاقة بطبيعة الإعاقة والعوامل البيئية المحيطة بهم التي تظهر في مجال النمو اللغوي، والتي تکون سبباً في قلة التواصل والتفاعل الاجتماعي مع الآخرين وسوء التوافق النفسي والاجتماعي، وعدم المشارکة الإيجابية في عملية اکتساب اللغة اللفظية مما يؤثر على نموه العقلي والمعرفي، ويُعيق اکتساب الخبرات والمهارات اللازمة لاستثمار ما قد يتمتع به من استعدادات وقدرات عقلية ربما لا يختلف فيها عن الأفراد العاديين بل وقد يتفوق فيها عليهم، ولکن ليس کل ما يتخذ من إجراءات خاصة لتعليم الطفل المعاق سمعياً على کيفية التواصل تعوضه عن فقدان السمع، لأن المعرفة والفهم التي يحصل عليها الطفل عن طريق حاسة السمع أفضل بکثير مما يحصل عليه بأية وسيلة أخرى (الزريقات، 2003).