استراتيجية مقترحة قائمة على التعلم النشط لتنمية الوعي السياسي لدى تلاميذ المرحلة المتوسطة بدولة الکويت

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

الشمري

المستخلص

ترتفع في جميع الدول العربية صيحات منادية بالإصلاح في شتى المجالات، ويأتي الإصلاح السياسي في مقدمة هذه المجالات، التي تدور حولها المطالبات بالإصلاح، ولا شک في أنّ جوهر الإصلاح السياسي والاتجاه نحو الديمقراطية ومزيد من الحرية السياسية، رهن بوجود المواطن الفاعل القادر على المشارکة السياسية، والمنتمي إلى وطنه، والمؤمن بقضاياه، والمدرک لمشکلاته، وبعبارة أخرى فإنّ تحقيق الإصلاح السياسي بجميع أبعاده لن يتحقق إلا بوجود مواطنين يتوافر لديهم الوعي السياسي والانتماء الوطني اللذان يدفعانهم إلى المشارکة الفعالة والنشطة في مختلف ميادين العمل السياسي والاجتماعي (سامي نصار وفهد عبد الرحمن الرويشد،2004 ص ص1-3).
فالوعي السياسي يمکّن الفرد من معرفة حقوقه وواجباته السياسية، ويحميه من براثن التيارات الفکرية المتطرفة التي من شأنها تدمير عقله وتحويله إلى أدوات قد يتم استغلالها في الجوانب السلبية، التي تحول دون تقدمه وتقدم مجتمعه (أحمد محمد رضوان ونوار قاسم محمد، 2012).
ومما يزيد من أهمية الوعي السياسي في المجتمع الکويتي هو ما يحيط به متغيرات سياسية وتحديات مختلفة وانعکاسات ذلک عليه، فالکويت بحکم موقعها الإستراتيجي المطل على الخليج العربي الذي أدى إلى وقوعها في منطقة توتر وصراع دائمين، إضافة إلى الحروب التي عاشتها منطقة الخليج، والتي کانت حرب تحرير الکويت إحداها أدى إلى تطورات سياسية أخرى فيها، منها العلاقات السياسية المتعددة والانفتاح السياسي والمحاولات الغربية في الشرق الأوسط، ثم ظهور موجات الإرهاب وظهور خلايا للتنظيمات المتعددة تتسبب بنوع من القلق من قبل دول المنطقة (هايف هادي عبد الله الحويلة، 2009، ص83).
ويعد التعليم حقا مشروعا لکل فرد في معظم-إن لم يکن جميع- دساتير الأنظمة السياسية في العالم، وهو ما يعود إلى الأهمية الکبرى التي يحظى بها التعليم في الحياة اليومية، ليس فقط في اکتساب المهارات اللازمة لتأهيل الفرد لسوق العمل، وإنما أيضا لتنشئته اجتماعيا وسياسيا، على نحو يجعله قادرا على الاندماج في المجتمع، من خلال تلقي المعارف الأولية المتعلقة بالقيم الثقافية والاجتماعية والسياسية العامة التي يتقاسمها باقي أفراد المجتمع، أو القسم الأکبر منه على الأقل، أو بالأحرى من خلال التنشئة السياسية (رضا محمد هلال، 2015، ص7).
فقد أثبتت الدراسات أن التنشئة السياسية للطفل تبدأ في سن الثالثة من عمره، حيث يبدأ بالتطلع لتعرف ما يثير انتباهه، وفهم ما يجري حوله، لکن ذلک لا يعني أنه سيکتسب المفاهيم السياسية بل تقتصر عملية التنشئة على اکتسابه للمهارات الاجتماعية کالارتباط عاطفيا برموز بلده کالعلم الوطني، وهيکل وصور نظامه السياسي کالشرطي (عبد الهادي الجوهري، 2000، ص45).
وتعد مرحلة الطفولة أنسب المراحل التعليمية لعملية التأهيل السياسي؛ لأنها تمثل نمو المفاهيم السياسية، وقد أثبتت بعض الدراسات أن الاتجاهات السياسية للأطفال تتکون خلال مرحلة التعليم الابتدائي، ولا يحدث لها من التغيير في الکبر إلا قليلا (أحمد شاطر باش، 2002، ص71).
من هنا فإن البحث الحالي سيحاول تنمية الوعي السياسي لتلاميذ المرحلة المتوسطة بدولة الکويت؛ لأنها مرحلة مهمة وأساسية في عملية التأهيل السياسي، کما أن هذه المرحلة قد أهملت أو تکاد، من قبل الدراسات والأدبيات التربوية فيما يتعلق بالوعي السياسي، فبنظرة خاطفة لبعض الدراسات السابقة نجد أنها تهتم بتنمية الوعي السياسي لدى طلبة الجامعة، وتهمل المراحل الدراسية الأولى، والتي ينبغي أن تکون أساسا لأي تنمية سياسية.
فقد اهتمت دراسة سمير محمد أحمد العبدلي(2003) بالثقافة السياسية في اليمن واستهدفت محاولة تأسيس الثقافة السياسية في أبعادها الديمقراطية، وتحديد مدى تطورها لدى القبائل اليمنية وفقا لمتغيرات الوحدة والديمقراطية، والتي تمثل إحدى المرتکزات نحو آفاق المستقبل الذي أعاقته الثقافة التقليدية المستندة إلى منطق العصبية القبلية أحيانا، واعتمدت الدراسة على المنهج الوصفي المقارن الذي استخدم المسح الاجتماعي بطريقة العينة، وتم تطبيقه على مجموعتين من القبائل، واستخدمت الدراسة الاستبانة أداة لجمع البيانات، وقد توصلت الدراسة إلى وجود مستوى متوسط للتوجيهات السياسية الديمقراطية التي تشمل الاتجاه بين التقليدية والحداثة، واتجاه الثقة في النظام السياسي، وکذلک في الفاعلية السياسية، والاتجاه نحو التعصب السياسي والتعصب الديني ضد الآخر، کما أنه لا توجد اختلافات عميقة في مستوى الإيمان بقيمة الثقافة السياسية الديمقراطية لدى عينتي الدراسة، ومع تمتع کبار السن بدرجة أعلى من الإيمان بقيم الديمقراطية، وترسيخ قيم السياسة الديمقراطية لدى الرجال أکثر منه لدى النساء (سمير محمود أحمد العبدلي، 2003).