تعزيز الميزة التنافسية لمدارس التعليم قبل الجامعي بمصر: الدروس المستفادة من تجربة الولايات المتحدة الأمريکية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مشترک

المستخلص

مقدمة:
يتسم عصرنا الراهن بسعي محموم وراء تحقيق الأمم لأفضل ما يمکنها في کافة المجالات؛ الأمر الذي يلهب المنافسة العالمية وداخل الدولة الواحدة على تحسين جودة الخدمات المقدمة في مختلف القطاعات ومنها قطاع التعليم الذي يقدم واحدة من أهم الخدمات على الإطلاق لأفراد المجتمع. ذلک القطاع الذي يمثل الأساس لکافة الإمکانيات الإنسانية ورأس المال الفکري والبشري للدولة.
والميزة التنافسية التي تتمتع بها أي منظمة تندرج ضمن إطارها قدرتها على إنجاز نتائج غير معهودة تتفوق بها على منافسيها، وتساعدها على بناء هذه الميزة التنافسية قدراتها التي تتمتع بها وما تمتلکه من موارد مادية وبشرية وتکنولوجية، لينعکس على مخرجاتها وهي تحقيق جودة الخدمات والمنتجات وتحقيق رضا العملاء وکافة الأفراد الذين يتعاملون معها ضمن أعلى المستويات التي تطمح لها (أروي المناصير، 2012، ص61).
وتعد التنافسية من المفاهيم الحديثة التي بدأت تظهر وتستخدم في المؤسسات التعليمية في السنوات الأخيرة، وخاصة بعد حصول العديد من المؤسسات التعليمية على الاعتراف الأکاديمي والاعتماد سواء من مؤسسات محلية أو عالمية، وتکمن أهمية التنافسية في تحقيق الاستفادة القصوى من کل الإمکانيات المتوفرة داخل المؤسسات التعليمية بهدف الوصول إلى أفضل مخرجات تتناسب ومتطلبات معايير الجودة العالمية، وکذلک احتياجات ومتطلبات سوق العمل (إيمان حسن وغادة فتحى وحافظ أحمد، 2018، ص582).
  ومنذ بداية الألفية الثالثة واجهت المجتمعات تحديات ذات أبعاد مختلفة مرتبطة بالثورة المعلوماتية وتطور التقنية والانفجار المعرفي، ومما لا شک فيه ان هذه التغيرات المتسارعة أسهمت في تطوير وسائل الاتصال والتبادل المعرفي، وفي ظل هذه التحديات أصبح من الضروري أن تضمن المؤسسات التعليمية نجاحها في تحقيق أهدافها، والتکيف بشکل مستمر مع هذه التغييرات عن طريق اکتساب ميزات تنافسية تساعدها في الاستمرار بتحقيق أهدافها وطموح المستفيدين منها (نوال المسرورية، 2019، ص2).
ومن المعروف لدى المشتغلين في الحقل التربوي أن المصطلحات والمفاهيم الجديدة تظهر أولاً في مجالات الصناعة والتجارة والاقتصاد ومنها تنتقل تدريجيًا إلى مجال التعليم. وعليه يمکن القول أن مفهوم الميزة التنافسية بدأ ينتقل مؤخرًا إلى حقل التعليم؛ حيث تشهد المؤسسات التعليمية تحديات جديدة مثل ضرورة تحقيق معايير الجودة والحصول على الاعتماد وحصولها على ترتيب متقدم بين المؤسسات التعليمية على المستويات العالمية وغير ذلک من التحديات، وهذا يضع المؤسسات التعليمية المصرية في منافسة شديدة على المستوى المحلي والدولي (آمال مسعود، 2015، ص22).
وتعبر الميزة التنافسية عن قدرة المؤسسة التعليمية عن تقديم خدمة تعليمية عالية الجودة تمکنها من التميز على مثيلاتها من المؤسسات التعليمية الأخرى، مما ينعکس إيجاباً على مستوى خريجيها ويکسبهم قدرات ومزايا تنافسية في سوق العمل، وفي الوقت نفسه يعکس ثقة المجتمع فيها، ومن ثم التعاون معها وزيادة إقبال الطلاب على الالتحاق بها؛ الأمر الذي يؤدى إلى ارتفاع قيم ومؤشرات التنافسية لهذه المؤسسات التعليمية (مروة عبد العزيز، 2019، ص352).
ولقد کانت بداية تطبيق مفهوم الميزة التنافسية في القطاع التعليمي بشکل أساسي منصبة على قطاع التعليم العالي Lo & Tian, 2020; Marinho, Silva & Santos, 2020)), مع اهتمام بدرجة أقل بتطبيق مفهوم الميزة التنافسية في التعليم قبل الجامعي. وتعد تجربة الولايات المتحدة الأمريکية في مجال تعزيز الميزة التنافسية لمؤسسات ومدارس التعليم قبل الجامعي أهم وأکثر التجارب العالمية تأثيراً. ومن ثم فإنه من الأهمية بمکان أن يتم إلقاء الضوء على هذه التجربة وما يمکن استخلاصه منها من دروس مستفادة لتعزيز الميزة التنافسية للمدارس المصرية وهو ما يتم الترکيز عليه في البحث الحالي.
        مما تقدم نجد أن تعزيز الميزة التنافسية وتعزيز التنافسية ما بين المدارس في التعليم قبل الجامعي يعد أمراً حيوياً من أجل تحسين جودة النظام التعليمي ککل. ومن الأهمية بمکان في هذا السياق أن يتم الاستفادة من تجارب الدول الرائدة في هذا المجال. وتعد تجربة الولايات المتحدة الأمريکية بمثابة أهم وأبرز التجارب العالمية المعاصرة في تعزيز الميزة التنافسية للمدارس بمراحل التعليم قبل الجامعي. ومع ما تمت الإشارة إلي من إلى أن الاهتمام ببحوث الميزة التنافسية منصب على قطاع التعليم العالي مع قلة نسبية في الدراسات التي أجريت في التعليم ما قبل الجامعي (ما بين مرحلة رياض الأطفال وحتى نهاية المرحلة الثانوية), تبرز الحاجة الماسة لمزيد من البحوث التي تستکشف سبل تعزيز الميزة التنافسية للمدارس وتعزيز التنافسية ما بين المدارس والاستفادة من ذلک لتحسين جودة النظام التعليمي المصري وهو ما يتم التطرق إليه في البحث الحالي.